صحيفة يومية تصدر باللغة الإنكليزية، تأسست في سنة 1933، وكان اسمها في البداية "فلسطين بوست" إلى أن غيّرته في سنة 1950 إلى جيروزالم بوست. تصدر عنها نسخة باللغة الفرنسية. حتى الثمانينيات من القرن الماضي، انتهجت خطاً يسارياً، وكانت قريبة من حزب العمل الإسرائيلي، لكنها غيّرت توجُّهها وأصبحت قريبة من اليمين، ومن الوسط في إسرائيل.
· أربع سنوات هي فترة طويلة في حياة الرئاسة [الأميركية]. وهي بالتأكيد فترة طويلة في الحياة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط. ولقد تقاطعت هاتان البديهيّتان بشكل حاد أثناء زيارة الرئيس باراك أوباما الأولى لكل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
· فقبل أربع سنوات، باشرت إدارة أوباما الجديدة مهامها بتصميم على انتهاج سياسة جديدة في الشرق الأوسط تقوم على: وضع حد للأعمال الحربية الأميركية في العراق، ووضع خطة للخروج من أفغانستان، وتعديل "الحرب على الإرهاب" بما يتفق مع القيم الأميركية، والاشتباك مع قادة إيران بسبب البرنامج النووي، وإعادة ضبط الأمور بهدف ترميم صورة أميركا المتصدعة في العالم الإسلامي، وإنجاز اتفاقية سلام إسرائيلية - فلسطينية، باعتبارها شرطاً لا بد منه للمضي قدماً في الأجندة الأميركية المعدة للشرق الأوسط.
· وقد عبّر الرئيس أوباما بشكل مؤثر عن هذه الأهداف في الخطاب الذي ألقاه في الجامعة الأميركية في القاهرة، كما تجلت هذه الأهداف بشكل ملموس في مواجهته (غير المثمرة) مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حول تجميد البناء في المستوطنات.
___________
ترجمته عن الإنكليزية: يولا البطل.
· وفي منتصف ولاية [أوباما] الأولى، استيقظت المجتمعات العربية فجأة متحدّية حكامها الاستبداديين. وعلى الرغم أن حسني مبارك كان حليفاً راسخاً لأميركا، لم يكن بالإمكان تجاهل الصرخات المنادية بالحرية والديمقراطية المتصاعدة من ميدان التحرير، فقال أوباما إن على الولايات المتحدة "أن تقف إلى الجانب الصحيح من التاريخ"، وإن على مبارك أن يتنحّى، مثلما فعل قبله حليف الغرب زين الدين بن علي في تونس. وقد اقتضت مصلحة أميركا الذاتية احتضانَ قوى التغيير وموجات اليقظةِ العربية الجديدة التي تجتاح أنحاء المنطقة.
· لكن بعد مضي عامين، وبعد إنقضاء الولاية الأولى ومدتها أربعة أعوام، ما هو وضع المنطقة الآن، وإلى أين آلت جهود تعزيز مصالح الولايات المتحدة وأهدافها؟ يبدو أن وصف وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل للحالة الأفغانية عندما قال "إنها حالة وضع معقدة"، هو وصف مناسب أيضاً للوضع في المنطقة.
· تواجه مصر ما بعد مبارك أزمةً سياسيةً واقتصاديةً مستمرة، بسبب فقدان التماسك الضروري لإرساء إطار مؤسساتي شرعي، وعقد اجتماعي متين. ومن سخرية الأمور أن جميع القوى السياسية المتخاصمة في مصر - الإسلاميين، والوطنيين الناصريين، وفلول النظام، والليبراليين - يتبادلون تهمة تلقي الدعم من الولايات المتحدة.
· أما ليبيا ما بعد القذافي فقد أصبحت بلداً تعجّ بالفصائل المسلحة. واليمن ما زالت دولة فاشلة. والأجواء في البحرين، حيث جرى صد الرغبات الأميركية بالتحول الديمقراطي، مكفهرّة ومتجهمة. ويعيش العراق تنازعاً على الحكم وهو في حالة احتراب دائم، فضلاً عن خيبة أمل للبنان. وتبقى تونس، حيث تُعَلق أفضل الآمال على التحول الديمقراطي الناجح فيها، متأرجحة بين الصراع ومحاولة التفاهم.
· وهناك الفلسطينيون المنقسمون بين كياني أمر واقع: حركة "حماس" الراسخة في قطاع غزة، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوى. والعملية الدبلوماسية الإسرائيلية - الفلسطينية مؤجلة. وعلى الرغم من العقوبات الدولية القاسية على إيران، لا يُظْهر النظام الإيراني أي استعداد للتخلي عن برنامجه النووي.
· وأخيراً، هناك سورية: عامان من النزاع الوحشي المتزايد الذي يتطور أكثر فأكثر إلى نزاع طائفي، مع أكثر من 70 ألف قتيل، ونحو مليون لاجئ يهدد باغراق لبنان والبلدان المجاورة. وهناك ضغط متزايد على الولايات المتحدة لقيادة تدخل عالمي بالقوة يرمي إلى إسقاط نظام بشار الأسد المترنح، لكن المتشبث بالحكم، على غرار التدخلات السابقة في ليبيا والبوسنة وكوسوفو.
· على ضوء جميع هذه الأوضاع، فإن التركيز الضيق على النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني في هذا الوقت العصيب، ينم عن قصر نظر. لكن هذه اللحظة، لعلها على سبيل المفارقة، قد تكون لحظة تاريخية ناضجة لتحقيق تقدم. فالحالة الراهنة على الأرض هشة وقابلة للاشتعال باعتراف الجميع. وهناك شبه إجماع في أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على ضرورة القيام ببعض المبادرات، ومن ضمنها "العمل المنسَّق من جانب واحد" في سبيل إيجاد دينامية تقود إلى حل الدولتين. ففي حين أن هذه القضية كانت غائبة عن الحملة الانتخابية الإسرائيلية، إلا أن نتائج الانتخابات كانت لمصلحة "معسكر الوسط" أكثر مما كان متوقعاً، مما يدّل على إمكانية بناء مجموعة سياسية داعمة لهكذا مبادرات. كما أن السلطة الوطنية الفلسطينية في أمس الحاجة إلى هكذا آفاق جديدة، قبل فوات الأوان.
· ومن هنا، وعلى الرغم من أن التركيز على زيارة أوباما هو على الشكل أكثر مما على المضمون، فإن إمكانات جديدة قد تلوح في الأفق، لأن استمرار الوضع الراهن طويلاً ليس في مصلحة أي من الأطراف، لاسيما وأن أوضاع منطقة الشرق الأوسط تزداد تعقيداً.