· من الواضح أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يعرض، في الخطاب الذي ألقاه أمس (الخميس) في قاعة "بنياني هؤوما" في القدس، أي برنامج سياسي، أو أي خطة طريق مفصلة لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، لكنه كان راغباً أكثر من أي شيء آخر في أن يطمئن الإسرائيليين، ويهدئ من روعهم، ويأسر قلوبهم.
· ومن أجل تحقيق رغبته هذه، فإن أوباما أكد للرأي العام الإسرائيلي أن لديه دولة قوية ومزدهرة اقتصادياً، ويمكنها أن تعتمد على الولايات المتحدة باعتبارها أقوى دولة في العالم، وأن الثمن الذي سيترتب على إقامة دولة فلسطينية لن يكون باهظاً، وأن إقامة دولة كهذه سيضع حداً للاحتلال والاستيطان.
· ولا بُد من القول إن هذا الخطاب من شأنه أن يضع حداً لوجهات النظر التي تعتبر أوباما معادياً لإسرائيل. لكن ما يجب ملاحظته هو أنه على الرغم من كون أوباما صديقاً حميماً لإسرائيل، فإنه ما زال يتسم بالسذاجة في كل ما يتعلق بقدرة الشارع الإسرائيلي على التأثير في قرارات المؤسسة السياسية.
· وإذا كان النقد الذي وجهه الرئيس الأميركي إلى الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هو نقد صحيح وشرعي، فإن محاولته أن يستنهض حركة شعبية تقف في مواجهة سياسة النخبة الإسرائيلية الحاكمة لا تحظى بالشرعية نفسها، ولن يكتب لها النجاح. ولذا، لن يكون من المبالغة توقع أن يعود رئيس الولايات المتحدة إلى بلده صفر اليدين، وأن نبقى نحن هنا مع خطاب رائع آخر، ومع استمرار الجمود الذي كان مسيطراً على العملية السياسية [بين إسرائيل والفلسطينيين] قبل زيارته.