لا تضخّموا الخطر المصري من أجل زيادة الموازنة الأمنية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       لم تضيع المؤسسة الأمنية وقتها، فقبل أن تتضح وجهة الأحداث التي تدور في شوارع القاهرة والإسكندرية، وإذ بهذه المؤسسة توضح أن لا مفر من زيادة الميزانية الأمنية، كأنما ينبغي لنا ان نجد بسرعة بديلاً من الخطر الإيراني. وطبعاً، كلما أثرنا الذعر، كان هذا أفضل. فإذا قلنا بلهجة واثقة إن الخطر المصري سيزداد بصورة كبيرة بعد تبدل السلطة في القاهرة، فهذا يعني أن الانتقادات بشأن حجم الميزانية الأمنية لن تبرز، كما أن احداً لن يعترض على زيادتها.

·       لكن الحقيقة هي أن الخطر المصري لن يزداد، حتى بعد سقوط نظام حسني مبارك، وحتى لو سيطر الإخوان المسلمون على السلطة هناك، وإنما، على العكس، سيتراجع بصورة كبيرة. نحن، بالتأكيد، سنسمع في الأيام المقبلة مَن سيتحدث عن تزود الجيش المصري بالسلاح الغربي المتطور، وعن التدريبات التي يقوم بها ضد العدو الذي هو إسرائيل، لكن هذا لن يغير المشهد القائم، ولا موازين القوى في مواجهة الجيش الإسرائيلي، ولا الأوضاع الجيو - استراتيجية في المنطقة، ولا المصالح المصرية، وهي أمور تجعل خوض الحرب ضد إسرائيل أمراً غير منطقي.

·       صحيح أن سلاح الجو المصري يملك نحو 220 طائرة إف - 16، لكن وفقاً لدراسة أجرتها وزارة الدفاع الأميركية، فإن مستوى التدريب في سلاح الجو المصري لم يتغير منذ انتقاله من استخدام السلاح الروسي إلى السلاح الأميركي. ومعنى ذلك أن الطيار المصري غير قادر على الاستفادة الكاملة من قدرات هذه الطائرات، وأن الثغرة التي تفصل بين سلاح الجو الإسرائيلي وسلاح الجو المصري ما زالت على ما كانت عليه قبل تزود المصريين بطائرات أف – 16 (التي هي من طراز أقل تطوراً من تلك التي لدى إسرائيل)، أي عندما كان لدى سلاح الجو المصري طائرات حربية قديمة من طراز ميغ -21.

·       لقد قامت مصر أيضاً ببناء قواتها المدرعة، ولديها نحو 700 دبابة أميركية متطورة من طراز أبرامز، لكن في حال أرادت مصر شن الحرب على إسرائيل، فإنه سيكون على هذه الدبابات اجتياز شبه جزيرة سيناء، التي تشكل منطقة عازلة تمتد على مساحة تتراوح بين 200 و300 كيلومتر. ونظراً إلى كون هذه المساحة مساحة صحراوية قاحلة تقريباً وقليلة السكان، فإنها ستشكل "أرضاً مثالية للقتل". وفي حال تجرأ الجيش المصري على اجتياز قناة السويس ودخل سيناء، فإنه سيجد نفسه داخل فخ، ذلك بأن الجيش الإسرائيلي يملك الأفضلية المطلقة عليه من خلال سلاحه الدقيق وتفوقه الجوي.

·       إن سيطرة الإخوان المسلمين على السلطة في مصر ستؤدي إلى وقف فوري للمساعدة العسكرية الأميركية، وللتدريبات المشتركة، ولتزويد مصر بقطع الغيار الضرورية لصيانة الطائرات الحربية. وفي حال حدوث ذلك، فإن قوة الجيش المصري ستتآكل بسرعة. أما فيما يتعلق بالقدرة القتالية للجيش المصري وعملية تحديثه، فإن دراسة وزارة الدفاع الأميركية أفادت بأن "الجيش المصري يرغب في تحديث سلاحه، لكنه لا يُبدي حاجة إلى تغيير عقيدته العسكرية".

·       إن الجيش المصري يتدرب على القتال ضد إسرائيل لأن مصر تعتبر إسرائيل عدواً حقيقياً، والنظام في مصر يرى أن إسرائيل هي عامل عدم الاستقرار، وأنها لا تتردد في اللجوء إلى القوة من أجل حل المشكلات السياسية، فضلاً عن أن مصر تعتقد أن وصول القوى السياسية المتطرفة في إسرائيل إلى السلطة سيؤدي إلى الاعتداء عليها. ومن الأمثلة على المخاوف المصرية التحذير الذي أطلقه أفيغدور ليبرمان في سنة 2001 ضد مصر، عندما هدد بأن الجيش الإسرائيلي قادر على تدمير سد أسوان.

·       على المؤسسة الأمنية في إسرائيل ألاّ تستغل المبالغة في تصوير الخطر المصري من أجل المطالبة بزيادة الميزانية الأمنية، وفي جميع الأحوال، فإن التخويف الذي تقوم به هذه المؤسسة لا أساس له من الصحة.