العودة إلى الخيار الأردني
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       تسمّر كثيرون في إسرائيل وفي العالم أمام شاشات التلفزيون، وهم يصلّون كلٌ على طريقته من أجل نجاح الثورة الديمقراطية في مصر. لكن هذه الصلوات لم تُستجب. صحيح أن حسني مبارك لن يستمر في حكم مصر، لكن الديمقراطية لن تتحقق حتى لو لم يكن الأخوان المسلمون هم الحكام الجدد.

·       إن الوضع الجديد - القديم معقد للغاية، لكن في إمكاننا مواجهته. والنجاح في هذه المواجهة ليس مرتبطاً بما يقوله زعماء الأنظمة من حولنا (ولا بالذين يتمنون الخير لإسرائيل من أمثال باراك أوباما)، وإنما بما يؤمن به اليهود وبما يفعلونه. فما زال اليهود يؤمنون من دون جدوى بأن السلام على الأبواب، ويلومون أنفسهم على تضييعه. ولذلك هم يرتكبون أخطاءً بعضها مصيري.

·       كانت مصر تصدّر الغاز والنفط، وباتت الآن تصدّر أيضاً عدم الاستقرار الإقليمي الذي لن تعاني منه الأنظمة العربية فقط، بل وإسرائيل أيضاً، وذلك في حال فشل النظام الحاكم، وهذا أمر وارد جداً، في تحويل الوضع لمصلحته.

·       ففي ضوء عدم الاستقرار في المنطقة، وفي ضوء ما كشفته مذكرات إيهود أولمرت بشأن ضعف محمود عباس وضيق أفقه وانعدام التأييد الشعبي له ولمجموعته، آن الأوان لإعادة النظر في الأولويات الاستراتيجية الإسرائيلية. وفي جميع الأحوال، فإن السلام مع الفلسطينيين لا يمكن أن يأتي في طليعة الأهداف، إذ إن النار التي اشتعلت في تونس وامتدت إلى مصر قد تنتقل إلى ساحات عمّان ونابلس وجنين ورام الله. وحتى لو كان الأشخاص الذين يحكمون في السلطة الفلسطينية من نوع آخر (وهم ليسوا كذلك)، فإن هذه النيران ستلتهم كل إمكانات التقدم نحو مسار السلام، وستتدفق الجماهير إلى الشوراع مثلما حدث في تونس ومصر من أجل إسقاط الحكام الذين تجرأوا على خيانة الشعب الفلسطيني. ومنذ الآن بدأ الناس يتدربون على ذلك، بعد نشر قناة الجزيرة وثائق المفاوضات الفلسطينية مع الإسرائيليين.

·       عندما سيهدد الطوفان الشعبي في بلاد النيل بإغراق الأردن، سيكون من الأفضل لإسرائيل أن تغير توجهها وأن تتوقف عن دعم المملكة الهاشمية، إذ سيكون من الصعب على الحكومة الجديدة التي سارع الملك عبد الله إلى تأليفها أن توقف تدفق المحتجين من الأغلبية الفلسطينية التي تشكل نحو 70% من سكان الأردن. ويبدو أن هذه الأغلبية لن تقف، بعد أحداث مصر، مكتوفة الأيدي في مواجهة العائلة المالكة التي تضطهدها وتبقيها في حال من التخلف الاقتصادي والسياسي.

·       وإذا تصرفت هذه الأغلبية كما تتصرف الجموع في مصر، فالأكيد أن الدولة الفلسطينية ستقوم أولاً في الأردن، وثمة احتمال كبير بأن تنشأ كونفدرالية وربما وحدة بين هذه الدولة وبين الأراضي التي انسحبت منها إسرائيل في يهودا والسامرة، والتي يعيش فيها حالياً نحو 90% من السكان العرب.

·       إن قيام مثل هذه الدولة سيزيل الضغط الداخلي والخارجي عن إسرائيل. ثمة احتمال كبير ألاّ يكون النظام الجديد الذي سينشأ صديقاً لإسرائيل، لكنه سيركز جهوده على بناء الدولة الوطنية، وتثبيت دعائم الحكم، وحل المشكلات الاقتصادية والوطنية، والحصول على الاعتراف والشرعية من الدول في مختلف أنحاء العالم. وبهذه الطريقة يمكن ان نستفيد من الزلزال الحاصل، ورب ضارة نافعة.