· تتوجه أنظار العالم نحو الأزمة المتواصلة في شبة جزيرة القرم، لذلك كان من الصعب هذا الأسبوع الحصول على معلومات عن الجولة الثانية من المحادثات بين الدول الخمس الكبرى زائد واحد وإيران بشأن اتفاق شامل على المشكلة النووية.
· لقد ركزت أغلبية التقارير على التساؤل عما إذا كانت انعكاسات أزمة القرم ستؤثر سلباً على موقف روسيا داخل مجموعة الدول الخمس زائد واحد. أما التقارير بشأن مضمون المحادثات فكانت قليلة، باستثناء الحديث عن أن النقاشات تناولت موضوعين: نسبة تخصيب اليورانيوم في إيران، ومنشأة أراك التي إذا جرى تشغيلها في شكلها الحالي تستطيع إيران إنتاج بلوتونيوم لسلاح نووي.
· ولكن على الرغم من ضآلة الاهتمام، فإن المشكلات المطروحة على النقاش والتي يجب حلها ضمن إطار الحل الشامل مع إيران، هي مشكلات خطرة جداً. والمسافة التي تفصل بين الطرفين لا تزال كبيرة. وعلى الرغم من الكلام الصادر عن الإدارة الأميركية بأن إيران تلتزم بشروط الاتفاق الموقت الذي أوقف البرنامج النووي وأدى إلى تراجعه، فإن الحقيقة أكثر تعقيداً.
· لقد حرصت إيران على ألا يحرمها الاتفاق الموقت من مواصلة قدرتها على إحداث "اختراق " نحو السلاح النووي. أما موضوع تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% فاخترعته كي تكون لديها ورقة مساومة عند الضرورة. وعندما نجحت في التحايل على المجتمع الدولي ودفعته إلى الاتفاق معها على ألا يمنع هذا الاتفاق الموقت بصورة واضحة مواصلتها البحث في تطوير أجيال جديدة ومتطورة من أجهزة الطرد المركزي، أدركت إيران أنه ليس هناك ما يستوجب القلق.
· تواصل إيران الاحتفاظ بمخزون ضخم من اليورانيوم المخصب بنسبة 5%، وعندما يحين الوقت وتصبح بحاجة إلى تخصيب هذا اليورانيوم إلى نسبة أعلى يتطلبها السلاح النووي، فإن أجهزة الطرد المركزي المتطورة ستسمح لها بالقيام بذلك خلال وقت قصير. وهذا يعني أنه عندما تتزود إيران بأجهزة طرد متطورة تستطيع العمل بسرعة أكبر بكثير من تلك التي لديها اليوم، فإن موضوع تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% يفقد أهميته.
· إن الذي سمح لإيران بخداع المجتمع الدولي في موضوع أجهزة الطرد المركزي المتطورة، هو الصيغ غير الواضحة الواردة في الاتفاق الموقت التي سمحت للطرفين بالتوصل إلى هذا الاتفاق على الرغم من عدم وجود توافق.
· ويبدو أن هذه الصيغ غير الواضحة تستغلها إيران من أجل الدفع قدماً بالحلول التي تلائمها. ويثير أحد التقارير بشأن المحادثات الحالية التخوف من أن مجموعة الدول الخمس زائد واحد وقعت في الفخ عينه، وهذه المرة في ما يتعلق بمنشأة أراك، إذ من بين الوسائل الآيلة إلى تحييد المخاطر التي ينطوي عليها استخدام مفاعل أراك، تغيير المواصفات التقنية للمنشأة. لكن من المتوقع أن تعارض إيران ذلك.
· إن أكثر من يشعر بالقلق مما يجري في هذه المحادثات هو الكونغرس الأميركي. ففي رسالة حادة وقعها 83 سيناتوراً أرسلت هذا الأسبوع إلى أوباما، شدد المشرعون الأميركيون على ضرورة إرسال رسالة قاطعة إلى إيران تحذرها من أنها إذا أجلت المفاوضات وواصلت برنامجها العسكري، فإنها ستتعرض إلى عقوبات جديدة قاسية جداً.
· وعلى الرغم من المحاولات السابقة للإدارة الأميركية في وصف مجموعة أعضاء الكونغرس التي تؤيد مواصلة الضغط على إيران بأنهم "دعاة حرب"، إلا أن رغبة هؤلاء المشرعين هي تحسين قدرة المجتمع الدولي على التفاوض بصورة مؤثرة مع إيران. لذا من المفيد جداً أن تصغي الإدارة الأميركية إليهم.