· هذا الأسبوع دخلت الحرب الداخلية في سورية عامها الرابع. وليس مصادفة أن تترافق ذكرى بدء الثورة التي تحولت في هذه الأثناء إلى حرب أهلية دموية، مع تسخين الحدود بين إسرائيل وسورية في مرتفعات الجولان.
· بعد ثلاث سنوات نجحت خلالها إسرائيل في إبعاد نفسها عن أي تدخل في الحرب في سورية، شهد الأسبوع الماضي سلسلة من الحوادث بلغت ذروتها مع تفجير عبوة ضد دورية للجيش الإسرائيلي والرد على ذلك من خلال مهاجمة سلاح الجو قيادات ومعسكرات تابعة للجيش السوري في الجانب الثاني من الحدود. وتعتبر هذه الحوادث أخطر من مجموع الحوادث التي جرت على الحدود خلال الأربعين عاماً الأخيرة، أي تحديداً منذ توقيع اتفاق فصل القوات بين الجيشين الذي أنهى حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973] على الجبهة السورية.
· في هذه الأثناء، يبدو أن الحرب السورية تراوح مكانها ولا تتجه نحو الحسم ونهاية المعارك. صحيح أن النظام السوري ينزف لكنه ما يزال صامداً ولن ينهار في وقت قريب. ومما لا شك فيه أنه تلقى ضربات قاسية، وقاعدة المؤيدين له تراجعت وأصبح يعتمد اليوم أكثر فأكثر على أبناء طائفته العلوية الذين لا تتعدى نسبتهم الـ10% من مجموع السكان في سورية. لكن على الرغم من ذلك، فإن مجموعات الثوار المنتشرة مثل الجراد في شتى أنحاء سورية لم تنجح في توحيد صفوفها وفي إخضاع خصومها.
· ليست إسرائيل في مقدمة اهتمامات الأطراف المتقاتلة في سورية، فالنظام السوري مشغول كلياً في حرب البقاء التي يخوضها ولا مصلحة له بالدخول في مواجهة جبهوية مع إسرائيل من شأنها أن تؤدي إلى انهياره. كما يعرف حزب الله المخاطر الكامنة في الانجرار إلى حرب مع إسرائيل لن تلحق الضرر بمكاسبه في لبنان فحسب، بل ستضر أيضاً بحظوظ انتصار بشار الأسد في معركته في سورية. أما الثوار فهم غارقون في الحرب ضد بشار الأسد، والكثير منهم يعترفون بالمساعدة التي تقدمها إسرائيل لهم.
· لكن المشكلة هي في أن النظام السوري لم يعد يسيطر على منطقة الحدود مع إسرائيل، وفي ظل الوضع الناتج عن الفوضى والفلتان الأمني، تصبح الحوادث على الحدود أمراً لا يمكن تجنبه. بيد أن النظام السوري وكذلك بصورة خاصة حليفه حزب الله، لن يقبلا أن تبقى أعمال إسرائيل- أي هجماتها داخل الأراضي السورية واللبنانية - من دون أي رد، وهما يعتقدان أن الفوضى الناشئة على طول الحدود تفتح أمامهما فرصة لم تكن موجودة في الماضي من أجل توجيه ضربة إلى إسرائيل، مع الأمل بأن يظل ممكناً احتواء الحوادث على طول الحدود والحؤول دون نشوب مواجهة واسعة النطاق.
· وأخيراً، قد تحاول بعض تنظيمات الثوار وبخاصة المجموعات الإسلامية الراديكالية التي ينتمي جزء منها إلى القاعدة، تسخين الحدود مع إسرائيل من أجل جرها إلى مواجهة مع النظام السوري، وكذلك من أجل الحصول على الشرعية وسط مؤيديهم الذين يؤمنون بأنه خلال الحرب المقدسة ضد النظام العلوي الكافر الذي يحكم دمشق، من المهم عدم إهمال العدو الإسرائيلي.
· في الختام، ليس هناك في سورية من يرغب حقاً في التصعيد أو في الدخول في مواجهة مع إسرائيل. ومن المحتمل جداً بعد أحداث الأسبوع الأخير أن يعود الهدوء الموقت على طول الحدود. لكن من الواضح أن الحدود الإسرائيلية -السورية لم تعد الحدود الأكثر هدوءاً لإسرائيل كما كانت طوال الأربعين عاماً الماضية.