على إسرائيل المبادرة إلى الاتصال بالمعارضة السورية والبحث مجدداً في خيار "سورية أولاً"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       لن تؤدي المحادثات التي دارت مؤخراً بين الموفدين الإسرائيلي والفلسطيني في الأردن إلى حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، لكن الأحداث في سورية تسمح لإسرائيل بإعادة النظر في سلم أولوياتها فيما يتعلق بالمسار المطلوب من أجل إنهاء النزاع مع الدول العربية.

·       في سنة 1999 بدأ رئيس الحكومة آنذاك إيهود باراك المفاوضات مع الفلسطينيين، لكنه سرعان ما تحول إلى المسار السوري. ولقد حدث ذلك على الرغم من أن الثمن السياسي للتوصل إلى اتفاق مع السوريين كان غالياً، إذ كان من المشكوك فيه حصول باراك على موافقة الجمهور الإسرائيلي على الانسحاب الكامل من هضبة الجولان ومن أغلبية المناطق في يهودا والسامرة.

·       لكن الظروف تغيرت الآن، وينبغي لنا أن نفكّر من جديد في خيار "سورية أولاً". ففي مقابل استبسال المعارضة السورية، يبدو أن هناك حظوظاً كبيرة لأن يسقط نظام بشار الأسد. ومما لا شك فيه أن انقلاب الأوضاع في دمشق ينطوي على احتمالات إيجابية من وجهة نظر إسرائيل. فعلى الأرجح أن يبعد النظام الجديد، الذي سيقوم معتمداً على الأغلبية السنية، وربما أيضاً على الأقليات التي قد تكون موالية لإسرائيل (مثل الأكراد والمسيحيين والدروز)، سورية عن إيران وحزب الله.

·       لقد قدمت الحكومة التركية القاعدة السياسية والجغرافية للمعارضة السورية، وعملت الإدارة الأميركية والحكومات الأوروبية على إيجاد السبل للتحاور مع زعامات المعارضة السورية في المنفى وفي الداخل من أجل الإعداد لـ "اليوم التالي" لسقوط النظام في سورية.

·       إن مثل هذه السياسة الخارجية النشطة تفرض على إسرائيل أيضاً محاولة إقامة صلة بالمعارضة السورية والتحاور معها بشأن إنهاء النزاع، فالثمن المطلوب لهذا الاتفاق معروف، والنظام الذي سيحل محل الأسد لن يوافق على ثمن أقل منه.

·       في حال أدت عمليات جس النبض إلى اتفاق مع النظام السوري الجديد، فإن ذلك سيجعل من الصعب التوصل إلى حل شامل مع الفلسطينيين، لكن الاتفاق مع سورية لن يمنع التوصل إلى تسوية مرحلية مع الفلسطينيين قبل التوصل إلى الحل الشامل. وسيكون في إمكان الإسرائيليين والفلسطينيين التوصل إلى سلسلة خطوات يمكن وضعها ضمن إطار قانوني يستطيع أن يحل محل اتفاق أوسلو ويستند إلى الاعتراف المتبادل بحل الدولتين لشعبين مع وديعتين، بحيث تكون الوديعة الإسرائيلية هي الاستعداد للتوصل إلى اتفاق شامل خلال فترة زمنية محددة، أي التعهد بأن ما جرى التوصل إليه ليس اتفاقاً نهائياً، أمّا الوديعة الفلسطينية فهي الاستعداد للاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي، ويتم هذا الاعتراف المتبادل لدى تحقق المطالب من خلال اتفاق، وبذلك يوافق الطرفان على إنهاء النزاع.

لقد أدت الثورات في العالم العربي إلى بروز أخطار محتملة جديدة على إسرائيل، لكنها أوجدت أيضاً فرصاً يجب دراستها والاستفادة منها. وتشكل سورية نموذجاً لتحول إيجابي محتمل في الميزان الاستراتيجي لإسرائيل، إلاّ إن ذلك يتطلب مبادرة إسرائيلية واعترافاً بالثمن المطلوب.