· كشفت وثائق ويكيليكس التي نُشرت هذا الأسبوع كيف شرح اللواء عيدو نحوشتان في عام 2007، وكان يومها يتولى رئاسة هيئة التخطيط في قيادة الأركان العامة للجنرال جيم جونز [مستشار سابق للأمن القومي] أنه في حال نشوء دولة فلسطينية فإن الضرورات الأمنية الإسرائيلية تفرض الاستمرار في السيطرة على المجال الجوي ليهودا والسامرة [الصفة الغربية]. واليوم أصبح نحوشتان قائداً لسلاح الجوالإسرائيلي.
· وطوال سنين، كان النقاش العام في الموضوع السياسي غيرمدرك بما فيه الكفاية لضرورة احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على المجال الجوي للضفة الغربية في أي تسوية يجري التوصل إليها. وقبل بضعة أشهر شدد اللواء في الاحتياط أودي ديكيل على هذه النقطة بوصفه ضابطاً سابقاً في سلاح الجو، ورئيساً لطاقم المفاوضات التي أجراها رئيس الحكومة إيهود أولمرت، وكتب: "على إسرائيل السيطرة على المجال الجوي الموحد كله...وعدم تقسيمه".
· إن الأسباب الإسرائيلية للمطالبة بالسيطرة على المجال الجوي في الضفة الغربية هي أسباب بسيطة. إذ يبلغ مدى المجال الجوي لإسرائيل 70 كيلومتراً، وفي إمكان الطائرات الحربية اجتياز هذه المسافة من الأردن إلى البحر المتوسط في أربع دقائق، في حين أن المدة التي تحتاجها إسرائيل من أجل إطلاق طائراتها لإعتراض الطائرات المعادية لا تقل عن ثلاث دقائق. وفي حال عدم سيطرة إسرائيل على هذا المجال الجوي، فلن يبقى لها أكثر من دقيقتين للرد على التهديد الجوي، أي باختصار: لن يكون في استطاعة إسرائيل مواجهة هجوم جوي.
· هل يجب أن تقلق إسرائيل من احتمال حدوث مثل هذا السيناريو في المستقبل؟ يجب علينا هنا أن نتذكر حادثة مهمة وقعت في بداية الثمانينيات، عندما خاض صدام حسين حربه ضد إيران مع احساسه بالتفوق، واقتناعه بأنه سيصبح القوة العظمى الجديدة في المنطقة. وحتى الملك حسين تأثر بصدام حسين، فسمح في عام 1989 للطائرات الحربية العراقية بعبور المجال الجوي للأردن من أجل تصوير أهداف محتملة في إسرائيل. في حال خسرت إسرائيل السيطرة على المجال الجوي في الضفة الغربية، ستكون هناك أطراف كثيرة في الشرق الأوسط في المستقبل راغبة في أن تفعل ما فعله صدام حسين قبل 20 عاماً.
· هناك موضوع آخر يتعلق بالسيطرة على المجال الجوي هو موضوع الإرهاب. بعد 11 أيلول/ سبتمبر، أخبر أشخاص ينتمون إلى القاعدة أثناء تحقيق الولايات المتحدة معهم، أنهم كانوا ينوون التسلل إلى سلاح الجو السعودي بغية التحليق بطائرات حربية فوق أبنية تل أبيب. وهناك فارق كبير بين قدرة إسرائيل على الرد الناجع على هجوم يُشن عليها من بعيد، وبين قدرتها على مواجهة سيناريو تحليق طائرات معادية في المجال الجوي للضفة الغربية، واضطرار إسرائيل فجأة للدفاع عن نفسها.
· في الختام، هناك مسألة الدفاع عن المجال الجوي الإسرائيلي في وجه الصواريخ التي تُطلق من الكتف، والقادرة على اعتراض الطائرات المدنية. وقد سبق أن أطلق تنظيم القاعدة صاروخ SA-7 في اتجاه طائرة تابعة لشركة أركيع الإسرائيلية كانت تحلق في سماء مومباسا في كينيا سنة 2002. وحالياً جرى تهريب صواريخSA-7 إلى غزة، الأمر الذي يُجبر الطوافات العسكرية الإسرائيلية التي تحلق في جنوب إسرائيل على الحفاظ على مسافة آمنة تقدر ببضعة كيلومترات بعيداً عن القطاع.
· في حال وصلت صواريخ SA-7 إلى الضفة الغربية، فإن كل المجال الجوي للمنطقة الساحلية ـ من الخط الأخضر وحتى البحر المتوسط - سيتحول إلى منطقة غير آمنة للتحليق الجوي.
· عندما يقوم الإسرائيليون بدراسة ترسيم الحدود المستقبلية لإسرائيل، عليهم ألا ينسوا أن أي اقتراح لمشروع جديد للسلام يجب أن يضمن محافظة إسرائيل على السيطرة على المجال الجوي للضفة الغربية، والذي يوجد هناك إجماع على عدم تقاسمه مع الفلسطينيين.