· منذ قيام دولة إسرائيل كان يتعين عليها الاستعداد لخوض حرب تقليدية. لكن خلال العقد الأخير تراجعت احتمالات نشوب حرب تقليدية بين إسرائيل والدول العربية، فالعراق منهمك بالدفاع عن بقائه كدولة وبات غير قادر على إرسال جيشه لمحاربة إسرائيل، وسورية ضعفت منذ مطلع التسعينيات وأدى الصراع الداخلي الذي تشهده حالياً إلى استنزاف جيشها وتشتته، أمّا الأردن فسيحاول بأي ثمن تجنب التورط العسكري مع إسرائيل.
· بيد أن المجهول الأكبر هو مصر التي تشكل التحدي الأساسي بالنسبة إلى إسرائيل لأنها تملك أقوى جيش عربي، ولديه آلاف من منظومات السلاح الأميركية، من بينها أكثر من 200 طائرة إف 16، ونحو ألف دبابة من النوعية العالية. ولقد واصل الجيش المصري خلال العقود الثلاثة الأخيرة الاستعداد للحرب بصورة عامة، وللحرب ضد إسرائيل بصورة خاصة، على الرغم من اتفاقية السلام بين البلدين. وعندما كانت الفرق العسكرية في الجيش المصري تحت قيادة حسني مبارك كانت إسرائيل مطمأنة، أمّا اليوم، ومع أن الجيش ما زال يخضع لسيطرة كبار الضباط الكاملة، فإن الفوز الكبير الذي حققه الإخوان المسلمون في الانتخابات البرلمانية خلق نوعاً من الغموض بشأن سياسة مصر المستقبلية.
· إن التصريحات الغامضة والمتناقضة أحياناً التي تصدر عن القيادة المصرية، لا عن الإخوان المسلمين فقط، بشأن نية مصر المحافظة على اتفاقية السلام، تثير الشكوك في شأن صمود هذه الاتفاقية. قد تجري مصر استطلاعاً للرأي العام بشأن الموضوع، أو قد تقوم بخرق اتفاق تجريد سيناء من السلاح. كما قد تنشأ أزمة بين مصر وإسرائيل، أو قد ينشب احتكاك بينهما في حال اشتبكت إسرائيل مع حركة "حماس" المقربة من الإخوان المسلمين.
· إن وقوع أي مواجهة بين مصر وإسرائيل سيؤدي إلى مشاركة سورية فيها على الرغم من الأزمة التي تعيشها، أو ربما بسبب هذه الأزمة، إذ ستحاول سورية استغلال المواجهة مع مصر من أجل تحويل الأنظار الدولية عنها.
· منذ قيام إسرائيل كان يتعين على الجيش الإسرائيلي مواجهة حرب العصابات والإرهاب. أما اليوم فإن "حماس" وحزب الله يشكلان التحدي الأساسي لإسرائيل، كما توجد تنظيمات صغيرة، مثل الجهاد الإسلامي، تتمحور عملياتها على قصف إسرائيل بالصواريخ. ويمكن أن نضيف إلى ذلك احتمال إعلان الفلسطينيين النضال الشعبي الذي قد يتحول بسرعة إلى مواجهات واشتباكات.
تملك دول، مثل مصر وسورية، سلاحاً غير تقليدي، والمقصود بذلك السلاح الكيماوي. وتواجه إسرائيل، اليوم، إمكان حصول إيران على سلاح أكثر تدميراً من السلاح الكيماوي، هو السلاح النووي. لذا على إسرائيل الاستعداد لمواجهة إيران النووية، مثلما عليها الاستعداد لحرب تقليدية على الجبهة المصرية، ولمواجهة حرب العصابات والإرهاب من لبنان وقطاع غزة، والتظاهرات الحاشدة في يهودا والسامرة.