إسرائيل تحتاج إلى مبادرة سياسية لمواجهة عدم الاستقرار في المنطقة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       يشهد الشرق الأوسط كثيراً من التغيرات. فسكان جنوب السودان صوّتوا في الاستفتاء الشعبي لمصلحة الانفصال عن السودان، وفي تونس يثور المواطنون ويبعدون زين العابدين بن علي ويأملون بقيام الديمقراطية. أما لبنان فيوشك على مواجهة انقلاب ربما يؤدي إلى وقوعه تحت سيطرة حزب الله. وهذا كله يجري قبل التغيير المنتظر في السلطة في مصر والسعودية، وقبل الانسحاب الأميركي من العراق.

·       هذه التغييرات تثير المخاوف، وأكبر الخائفين هو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يقبع معزولاً في مكتبه في القدس محاولاً بكل قواه المحافظة على الوضع القائم. فزعماء العالم ليسوا متلفهين إلى لقائه، وهو لا يزال ينتظر الدعوة إلى زيارة بيجين. والزعيم الوحيد الذي ما زال يدعوه إلى زيارته هو الرئيس المصري حسني مبارك، الممثل الأبرز للعالم الذي يوشك على الزوال. من هنا ليس مستغرباً ردة فعل نتنياهو المترددة تجاه الثورة في تونس والاستفتاء في السودان، ولا تحذيره في افتتاحه جلسة الحكومة من "عدم استقرار كبير" في المنطقة. عندما كان نتنياهو شاباً كان يبشر بالديمقراطية في العالم العربي، أما اليوم فبات يفضّل الحكام المستبدين الذين يمكن الاعتماد على أنهم لن يقوموا بمفاجأته.

·       لقد دخلت إسرائيل الحقبة الجديدة من موقع قوة، فاقتصادها مزدهر ويجذب المهاجرين من العمال ومن الإسرائيليين العائدين. كما أن إيران الخصم الكبير الذي ينافس إسرائيل على الهيمنة الإقليمية، تعاني الضغط الدولي والعقوبات. وقد نجح الجيش الإسرائيلي في ردع حزب الله وحماس، بينما تحافظ السلطة الفلسطينية على الهدوء في الضفة الغربية.

·       بقيت المشكلة الفلسطينية التي ما زالت تضايق نتنياهو وتهدد بالانفجار في الصيف. وهذا ما يدفع رئيس الحكومة إلى البحث عن وسيلة لاحتواء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يجوب العالم جامعاً الدعم لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، بينما يتزايد داخل الحكومة الاعتراف بالحاجة إلى مبادرة سياسية إسرائيلية توقف التآكل الجاري في العلاقات الخارجية.

·       إن الحل الذي يلوح في الأفق هو "تطوير السلطة الفلسطينية"، وهي فكرة طرحها قبل أعوام معهد "رِؤوت"، وتستند إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود اتفاق أوسلو. وبهذه الطريقة تتخلص إسرائيل من الخطر الديموغرافي، ومن مخاطر "انهيار السلطة"، ومن الدولة الثنائية القومية. وبهذه الطريقة سيحصل الفلسطينيون على الاستقلال، لكنهم لن يحصلوا على مليمتر واحد من الأرض من دون الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، ومن دون الموافقة على إعلان نهاية النزاع.

·       يدعم نائب رئيس الحكومة موشيه يعالون هذه الفكرة، وهو يحظى بدعم واسع داخل طاقم الوزراء السبعة. وفي حال رفض الفلسطينيون هذا الاقتراح كعادتهم، سيحظى نتنياهو بالدليل الذي يؤكد أن ليس هناك محاور لإسرائيل. وفي حال وافقوا، فإن عباس سيحصل على مقعد في الأمم المتحدة، وسيبرر أوباما حصوله على جائزة نوبل للسلام، وسينجح نتنياهو في كسر العزلة السياسية المفروضة على إسرائيل من دون التنازل عن شيء. وربما يكون هذا هو المفاجأة التي يخطط لها نتنياهو خلال المئة يوم المقبلة، الأمر الذي سيمنحه مكاناً محترماً في العالم الجديد غير المستقر.