الحدود القابلة للدفاع عنها في زمن الصواريخ
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

·       ما هي فائدة الحدود القابلة للدفاع عنها في زمن الصواريخ ؟ يذّكر أكثر من جنرال أميركي أنه في أثناء حرب الخليج الأولى في سنة 1991، قصفت الولايات المتحدة العراق بآلاف الصواريخ والقذائف، لكن صدام حسين لم يستسلم للائتلاف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة إلا بعد احتلال وحدات مدرعة أميركية ثلث العراق، وباتت الطريق إلى بغداد مفتوحة. وهذا ما حدث أيضاً في سنة 2003، فالحسم لم يتم بواسطة الهجوم الصاروخي.

·       وهذا الأمر ينطبق على إسرائيل أيضاً. فالحدود القابلة للدفاع عنها لم تُعتبر، ولا في يوم من الأيام، العامل الذي سيحمي إسرائيل بصورة محكمة من المخاطر التي تتهددها، وإنما هي التي ستمنع قوات العدو البرية من استغلال قلة عدد الجيش الإسرائيلي النظامي من أجل تحقيق نصر صاعق بواسطة الغزو واحتلال أراض.

·       وفي الواقع، في زمن الصواريخ، من المفترض أن تصبح الحدود القابلة للدفاع عنها أكثر أهمية. فعلى سبيل المثال، تحتاج إسرائيل إلى 48 ساعة من أجل استكمال عملية تعبئة الاحتياط، لكن في حال تعرضت الجبهة الداخلية في إسرائيل لهجوم بالصواريخ الباليستية أو حتى بالصواريخ القصيرة المدى، فإن ذلك من المحتمل أن يؤدي إلى عرقلة تعبئة الاحتياط.

·       في مثل هذا الحالة، سيضطر الجيش النظامي إلى القتال مدة طويلة من دون الدعم الكامل من قوات الاحتياط. علاوة على ذلك، فإن مهمة سلاح الجو الإسرائيلي ستكون تحديد وتدمير مواقع إطلاق الصواريخ في أنحاء الشرق الأوسط كافة، ولن يكون في قدرته تقديم الدعم الجوي للقوات المحاربة في المراحل الأولى للقتال. وفي مثل هذا الوضع، سيكون مهماً جداً نشر قوات نظامية على طول الحدود القابلة للدفاع عنها.

·       ربما هناك من سيقول إن مصطلح الحدود القابلة للدفاع عنها في الضفة الغربية كان مهماً حتى سنة 1991 فقط، عندما تخوفت إسرائيل من انضمام ثلث الجيش العراقي إلى الجبهة الشرقية، وقيامه بمهاجمة إسرائيل كما فعل في سنوات 1948، و1967، و1973.

·       لكن يجب ألاّ نضع أُسساً للتخطيط الاستراتيجي استناداً إلى حقيقة موقتة ربما تتبدل بسهولة. فإيران تقيم علاقات وثيقة بعدد كبير من السياسيين الشيعة الذين يحكمون العراق الجديد، وقد كشفت وثائق ويكيليكس أن إيران تصرف ما بين 100 و200 مليون دولار سنوياً على السياسيين العراقيين. ولا تستبعد التقديرات إمكان تحوّل العراق إلى دولة تابعة لإيران، بعد أن تُخرج الولايات المتحدة قواتها من العراق.

·       وإلى جانب أهمية الحدود القابلة للدفاع عنها في الحروب التقليدية، فقد بات من الواضح اليوم مدى أهميتها في الحرب على الإرهاب أيضاً. فإسرائيل هي الدولة الوحيدة التي واجهت الإسلام الراديكالي في ساحة القتال من دون أن تضطر إلى مواجهة آلاف المتطوعين الآتين من الخارج، مثلما جرى في أفغانستان واليمن والعراق والصومال.

·       علاوة على ذلك، نجحت إسرائيل في منع دخول سلاح إلى الضفة الغربية من شأنه أن يخرق التوازن القائم، وذلك بفضل سيطرتها على غور الأردن (بعد الانسحاب من محور فيلادلفيا، دخل هذا النوع من السلاح إلى غزة بكميات كبيرة)، وفي حال تنازلت إسرائيل عن غور الأردن وعن حقها في الحدود القابلة للدفاع عنها في الشرق، فإن المعركة ضد حماس ستتغير كلياً.

·       في الختام، فإن الذين يرفضون مصطلح الحدود القابلة للدفاع عنها بحجة أنه بات نظرية قديمة، يؤمنون، بصورة عامة، بقدرة إسرائيل على استخدام سلاح شديد القوة قادر على القضاء على أعدائها في الحرب المقبلة. ففي الماضي كان هناك من قال بعدم أهمية الحدود القابلة للدفاع عنها لأنه "بعد الانسحاب، فإننا، في مقابل كل كاتيوشا تُطلق علينا، سنمحو بلدة بأكملها". وهذا كلام لا ينطوي على خلل أخلاقي فحسب، بل يتجاهل الحقائق أيضاً. فمن الدروس المهمة التي تعلمتها إسرائيل في الحروب الأخيرة، وجود حدود لاستخدام السلاح يعتبرها العالم شرعية، وحتى في حرب مبررة تماماً.

·       على دولة إسرائيل أن تقيم التوازن بين رغبتها في حل النزاعات الإقليمية مع جيرانها، وبين واجبها في تقليص نقاط الضعف التي ربما يستغلها الأعداء ضدنا. وضمن هذه المعادلة، على إسرائيل ألاّ تتعلق بأوهام خطرة مثل عدم فائدة الحدود القابلة للدفاع عنها في العقيدة الأمنية الفعلية لإسرائيل.