من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· إن أغلبية الإسرائيليين أسيرة النظرية القائلة بأن تحول إيران إلى دولة نووية سيشكل خطراً وجودياً على دولة إسرائيل، وبالتالي علينا أن نبذل كل ما في وسعنا من أجل الحؤول دون حدوث ذلك. وهناك من يزعم أن الوقت قد حان للتحرك، ولا يستبعد هؤلاء أي خيار، بما في ذلك الهجوم على إيران. في المقابل، يرى البعض أن إسرائيل لا تستطيع وحدها منع إيران من تحقيق هدفها، لذا فهم يطلبون مساعدة الولايات المتحدة من أجل تنفيذ هذه المهمة.
· ونظراً إلى أننا جميعاً مقتنعون بأن تحول إيران إلى دولة نووية سيجر علينا كارثة، يسارع البعض إلى وضع سيناريوهات متعددة، ومن ضمنها سيناريو يتحدث عن أن النظام الإيراني قد يقوم بقصفنا إذا شعر بأن وجوده في خطر، على أساس خيار شمشون القائل "عليّ وعلى أعدائي"، الأمر الذي يعني أن خطر تعرضنا لكارثة هو خطر حقيقي، كما أنه "مسألة أشهر"، وبالتالي لا مفر من استخدام القوة. وفي حال كانت القوة الإسرائيلية غير كافية علينا أن نستعين بقوة إضافية، والمقصود القوة الأميركية. وبحسب هذا السيناريو، إذا كان علينا الاختيار بين التعرض لخطر القنبلة الإيرانية وبين قصف المنشآت النووية الإيرانية، فيجب أن نختار الهجوم على إيران.
· لكن الحقيقة من الناحيةالاستراتيجية ليست بهذه البساطة، إذ إن الخطر الذي تشكله إيران يكمن بصورة أساسية في الترابط بين قدراتها الحالية والمستقبلية، وبين نظرة قادتها إلى العالم، والتي تشكل في رأيي العنصر الحاسم. فالخطر الإيراني لا يكمن في قدرة إيران بقدر ما هو مرتبط بنيات النظام، ومن هنا تكمن جذور المشكلة، بحسب رأيي، في نيات النظام لا في كميات اليوارنيوم المخصب الذي تراكمه إيران.
· حتى الآن لم تتخذ الزعامة الإيرانية قراراً لا عودة عنه، وهي لم تصدر أمرا بإنتاج القنبلة، ومن المحتمل ألاّ يصدر مثل هذا الأمر قبل مرور وقت طويل. بناء على ذلك، فإن استخدام الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية سيعطي طهران حق الرد والتسبب بحرب إقليمية سيتضرر جراءها عدد كبير من المدنيين من الطرفين. علاوة على ذلك، ستؤدي مهاجمة إيران إلى وقوف الجمهور الإيراني بكل فئاته ضد "عدو الوطن"، الأمر الذي سيسمح ببقاء النظام، وسيدفع الزعامة الإيرانية إلى الاستنتاج بأن لا خيار أمامها سوى الإسراع في إنتاج السلاح النووي.
· ما دامت لم تصدر بعد أوامر واضحة بصنع القنبلة النووية، فهناك أمل بألاّ تصدر أبداً. ومن المنطقي أن نستنتج من حالة عدم اليقين هذه بأنه يجب عدم القيام بهجوم، لأن نتائجه معروفة ولا تبشر بالخير. وحالما نعرف بأن الأوامر قد أُعطيت لصنع القنبلة، يصبح في إمكاننا الهجوم على إيران. لكن حتى هذا الأمر لن يشكل حلاً مرضياً، فقد نربح بذلك الوقت لكننا سندفع أثماناً باهظة، ومن شأن ذلك أن يدفع إيران إلى الإسراع في إنتاج السلاح النووي، عندها لن يكون هناك خيار أمام إسرائيل والولايات المتحدة والغرب سوى مهاجمة إيران المرة تلو الأخرى حتى تستسلم.
· والأسئلة الذي تطرح نفسها هي التالية: هل ستواصل الولايات المتحدة مهاجمة إيران طوال الوقت المطلوب؟ ماذا سيحدث في حال لم تعمد إيران إلى الرد على الهجوم فقط بل واصلت مع الرد تقدمها في مشاريعها؟ وماذا سيحدث أيضاً في المستقبل غير البعيد حين تعلن إيران انسحابها من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية؟ ماذا سنفعل حينئذ، هل نهاجر إلى نيوزيلندا؟ أو نخوض حرباً هوجاء؟ أو نتعقل ونتعلم كيف نتعايش مع إيران نووية؟
· إن التفكير السليم يقضي بأنه من الأفضل لنا أن نعيش في ظل توازن رعب، وأن نبذل كل ما في وسعنا لتقليص تأثير إيران في ما يحدث في الحلقة القريبة منا.
· إن مهاجمة إيران ليست هي الحل، فوحده التغيير الجوهري في طبيعة النظام الإيراني يمكن أن يحدث التحول المطلوب. وعلينا، من أجل هذا الغرض، بلورة سياسة بعيدة الأمد تجمع بين الرقابة المشددة والعقوبات الاقتصادية، بحيث نوضح للشعب الإيراني أن عليه أن يقوم بالتغيير المطلوب في النظام. وفي حال أصبحت إيران دولة نووية فإن العقوبات ضدها ستصبح أكثر تشدداً، الأمر الذي سيزيد في معاناة الشعب الإيراني.