قانون عرقي جديد يهدّد بتقويض مفهوم المواطنة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      شهد الكنيست الإسرائيلي أمس (الثلاثاء) عملية سن قانون عرقي جديد بمبادرة من عضو الكنيست ياريف ليفين ["الليكود- بيتنا"] من شأنه أن يهدد بمزيد من تقويض مفهوم "المواطنة" في إسرائيل. ووفقاً لهذا القانون، سيحظى المواطنون العرب المسيحيون بتمثيل خاص بهم في اللجنة الاستشارية التي يتم تعيينها بموجب قانون "مساواة الفرص في العمل".

·      في الظاهر يهدف هذا القانون إلى منح تمثيل أفضل لفئات سكانية مظلومة تواجه صعوبات كبيرة في توفير مكان لها في سوق العمل. لكن ليفين لا يخفي هدفه الحقيقي، وهو على حدّ قوله "منح تمثيل منفصل للجمهور المسيحي يميّزه عن العرب المسلمين".

·      وأضاف ليفين في سياق تصريحات خاصة أدلى بها إلى صحيفة "معاريف": "إنني أحرص على عدم تسميتهم (المسيحيين) عرباً، لأنهم ليسوا عرباً". وبحسب مقاربته فإن العرب هم "المسلمون الذين يريدون القضاء على الدولة من الداخل". 

·      إن التأييد الجارف الذي حظي به هذا القانون في الهيئة العامة للكنيست يدل على أن مثل هذه الأفكار المشوّهة ليست محصورة في شخص عضو كنيست متطرّف على شاكلة ليفين، بل هي جزء من الإجماع القومي في إسرائيل.

·      إن المسيحية، شأنها شأن الإسلام واليهودية، دين. والعروبة عرق وقومية. والتحالف الجديد لليفين مع العرب المسيحيين في إسرائيل لن يغير هويتهم العربية. والتمييز البائس بين "العرب الأخيار"- المسيحيين- و"العرب الأشرار"- المسلمين- لا يعكس جهلاً وعنصرية فحسب، ولكن أيضاً يلحق ظلماً شديداً بأبناء الديانتين الذين لا يحظون أصلاً بمعاملة ملائمة من الدولة لكونهم أقليات.

·      إن اختبار "محبة الدولة اليهودية" الذي يحدّده الكنيست، يفرغ مفهوم المواطنة من مضمونه الحقيقي الذي لا يميز بين دين ولون وجنس، ويسم الأقلية المسلمة كلها بسِمة الكراهية وعدم الثقة. ومثل هذا التمييز يهدف إلى إثارة النزاع بين جماعات الأقليات على طريقة فرق تسد، بصورة تتناقض مع المواثيق الدولية التي وقعتها إسرائيل، وتدفعها إلى صف الدول الظلامية.

·      تجدر الإشارة إلى أن موجة سن القوانين العنصرية التي يقودها عضو الكنيست ليفين تجري في كنيست لا يُسمع بقوة فيه صوت للمعارضة برئاسة عضو الكنيست يتسحاق هيرتسوغ [رئيس حزب العمل]. ومن المثير أن نعرف كيف كانت هذه المعارضة الصامتة سترد لو أن دولة ما صنفت اليهود الذين يسكنون فيها على أنهم "يريدون القضاء على الدولة من الداخل"، أو ميّزت بين "يهود أخيار" و"يهود أشرار". 

·      لقد تعهّد ليفين بأن يواصل تقديم مبادرات على شاكلة هذا القانون. وإزاء ذلك، فإن الكنيست بقيادة المعارضة ملزم بأن يوقف فوراً مبادرات تشريع تدوس على الأسس الديمقراطية للدولة. إن هذه المبادرات لا تنطوي على محبة للوطن بقدر ما تعكس عنصرية بشعة من جانب عناصر قومية متزمتة.