· لا شك في أن الهجمات المنسوبة إلى سلاح الجو الإسرائيلي في منطقة الحدود السورية- اللبنانية يوم الاثنين الفائت، جرت على خلفية الضعف الكبير الذي انتاب محور إيران- سورية- حزب الله في الآونة الأخيرة. ويمكن تقدير أنه إذا ما ضبط الأميركيون أنفسهم هذه المرة ولم يسربوا الخبر عمن يقف وراءها كما فعلوا في السابق، فثمة احتمال بأن تمرّ هذه الهجمات حتى من دون احتجاج سوري أو لبناني.
· يبدو أن الذي هاجم شحنات أسلحة إلى حزب الله قدّر أنه لن يكون هناك رد من الجانب الآخر، فالحرب الأهلية الدائرة في سورية أضعفت قوة الثالوث المذكور الذي كان يشكل خطراً رئيسياً على إسرائيل. وما دام الإيرانيون والسوريون وحزب الله لديهم شعور بأنه ما زال هناك احتمال للحفاظ على بقاء نظام بشار الأسد، فلن يهتموا بجرّ إسرائيل إلى داخل دائرة النار من خلال رد قد يتسبب بفقدان السيطرة واندلاع حرب إقليمية.
· ومع ذلك، فإنهم يحاولون شدّ الحبل في مجالات معينة لا تلزم إسرائيل بأن تنجرّ إلى حرب شاملة، مثل عمليات تهريب سلاح إلى لبنان. وتدور بين الجانبين في هذا المجال لعبة هي أقرب إلى لعبة القط والفأر، ينجحون مرة ويخفقون أخرى، ويبقى كل شيء رهن وصول المعلومات الاستخباراتية في الوقت الملائم ورهن الفرصة العملانية لاستغلال هذه المعلومات.
· لقد أفادت التقارير في لبنان بشأن هجمات يوم الاثنين أن الجيش الإسرائيلي هاجم شحنة صواريخ ثقيلة. وفعلاً يقلق إسرائيل إمكان أن تصل إلى لبنان قذائف صاروخية وصواريخ ذات مدى ودقة وقوة يمكنها أن تزرع الدمار في مواقع استراتيجية أو مكتظة بالسكان. وبموجب التقارير في مجلة "جينس"، فإن الحديث يدور حول صواريخ من طراز "سمارش" و"فاتح 110" و"إم 600" وحول صواريخ سكود متطورة. وما دام حزب الله لا يمتلك كمية كبيرة من هذه الصواريخ، فإن شهيته لمهاجمة إسرائيل ستظل في الحدّ الأدنى.
· إن أي هجوم جوي يمكن أن يُنفذ في غضون ساعات معدودة، منذ اللحظة التي يتم فيها تلقي المعلومات الاستخباراتية إلى أن تقلع الطائرات المقاتلة من قواعدها. وعلى ما يبدو، فإنه منذ الوقت الذي يتم فيه تلقي إنذار استخباراتي يتعلق بشحنة وسائل قتالية تبدأ الساعة بالتكتكة، نظراً إلى وجود حاجة لاصطياد الهدف قبل أن يُبتلع داخل الأراضي اللبنانية. ولا شك في أن الفترة التي تقع بين تحديد الهدف والقضاء عليه تلائم القدرات التي يمتلكها سلاح الجو الإسرائيلي.
· ومع ذلك، لا بُد من القول إن قوات سلاح البحر أيضاً مسؤولة عن عمليات كثيرة تمت في الأعوام الأخيرة وراء خطوط العدو. وهذا السلاح بسفنه وغواصاته وقوات الكوماندوز مسؤول عن نحو 60% من العمليات الغامضة.
وفي العام الفائت فقط مكثت الغواصات أكثر من 140 يوماً في مناطق العدو.
يبقى السؤال: متى ستحين نقطة الانكسار لدى الجانب الآخر فيشعر بقدر كاف من اليأس أو القوة، كي يرد بصورة مؤذية على هذه الهجمات؟ لا أحد يستطيع أن يُقدّر ذلك، لكن ليس من قبيل المبالغة القول إن أي هجوم آخر يرفع ثمن المقامرة.