· إن الخضة السياسية في لبنان التي بدت في البداية محدودة، تتحول بسرعة إلى أزمة من شأنها أن تؤدي إلى انفجار لبنان بأسره. فمن المنتظر غداً أن يقدّم المدعي العام الخاص الدولي دانيال بلمار، مسودة القرار الظني الذي أعده إلى المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري. وفي حال صحت الأخبار التي تقول إن القرار الظني سيطال سورية وإيران، فإن هذا القرار سيتحول إلى شحنه ناسفة حقيقية قد تؤدي إلى إشعال حريق كبير، لأن سورية وإيران لن تقفا جانباً وتكتفيا بمراقبة تطور من هذا النوع.
· إن توجيه كتاب اتهام ضد عدد من قيادات حزب الله، هو تطور خطر بالنسبة إلى هذا الحزب الذي سيضطر إلى الرد عليه بعنف. كما أن المعركة التي سيتعين على [السيّد] حسن نصر الله خوضها هي من أعقد المعارك التي عرفها حتى اليوم. فهو اختبر المواجهة مع إسرائيل ونجح فيها. لكنه اليوم مضطر إلى خوض صراع للدفاع عن نفسه وعن تأييد الجمهور اللبناني له، وقبل أي شيء للدفاع عن الطائفة الشيعية وموقعها في لبنان. ولهذا، فإنه بحاجة أكثر من أي شيء آخر إلى رد اعتبار لا يمكن أن يعطيه إياه غير سعد الدين الحريري.
· واليوم يجد الحريري الابن نفسه وحيداً في مواجهة حزب الله المدعوم من سورية وإيران. فالتأييد الأميركي له، وحتى الفرنسي، لا قيمة لهما، ففي اللحظة الحاسمة، لن تتدخل سفن الأسطول السادس، وإنما ستظل تراقب شواطىء بيروت عن بعد، مثلما حدث في أزمات سابقة في لبنان. إن التفوق العسكري الساحق لحزب الله سيضمن بالتأكيد تلبية مطالب الحزب، والتوصل إلى اتفاق تسوية ما ترضي الحزب وترضي مؤيديه، وإلا فإن الحزب سيشعل النار في لبنان، وهو قادر على ذلك. وعلى الرغم من تكذيب قادته ذلك، فإنه لن يتوانى عن القيام بذلك عندما يشعر بأنه محشور في الزاوية، فبالنسبة إلى نصر الله فحتى لو خضع الحريري الابن لمطالبه، فإن هذا سيكون انتصاراً منقوصاً، لأن الهدف الأساسي لم يتحقق، أي منع نشر القرار الظني الذي يوجه إليه إصبع الاتهام باغتيال الحريري.
· ومهما يكن الأمر، فإن الأزمة الحالية هي فصل من قصة طويلة موضوعها تطلع حزب الله إلى السيطرة على لبنان، وهي لن تنتهي حتى ينجح الحزب في تحقيق هدفه، أو حتى تظهر قوة في لبنان قادرة على إنهاء هذا الحزب، وهذا الأمر يبدو حالياً غير واقعي.