هل تستطيع إسرائيل تحمل كلفة جيش صغير الحجم؟
المصدر
مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية

تأسس في سنة 1993 على يد الدكتور توماس هيكت، وهو من زعماء اليهود في كندا، وكان تابعاً لجامعة بار إيلان، وأُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى اتفاق السلام الإسرائيلي -المصري الذي وقّعه مناحيم بيغن وأنور السادات. يعالج مسائل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والصراعات في المنطقة والعالم. يميل نحو وجهة نظر اليمين في إسرائيل. كما أصدر المركز مئات الدراسات والكتب باللغتين العبرية والإنكليزية.

– سلسلة الأبحاث، العدد 209
المؤلف

 

  • كشف الجيش الإسرائيلي النقاب عن خطة جديدة، واعداً بجيش أصغر حجماً لكن أكثر ذكاءً. ومع ذلك، ينبغي أن يأخذ الجيش الإسرائيلي بالحسبان أن القوة العسكرية الأصغر مكلفة، لأن النزاعات المنخفضة الحدة التي يستعد لها الجيش الإسرائيلي تتطلب هي كذلك، عدداً كبيراً من القوات لتمكين الجيش من تحقيق أهدافه.
  • وترتكز خطة الجيش الإسرائيلي المتعددة السنوات على عدة فرضيات. الفرضية الأولى هي أن طبيعة التحديات التي سيواجهها الجيش الإسرائيلي في المستقبل المنظور هي نزاعات منخفضة الحدة. والفرضية الثانية هي أن هناك نافذة فرص مفتوحة، مع عدم وجود حروب على نطاق واسع في الأفق، مما يسمح للجيش بإجراء إصلاح هيكلي وتعديل عقيدته العملانية. والفرضية الثالثة هي أن الجيش يستطيع إجراء تخفيضات في الميزانية من خلال تقليص نظام تشكيلات وحداته القتالية. وسيكون اعتماد الجيش الإسرائيلي "الجديد" الذي سيتحاشى الخسائر البشرية، على سلاح الجو بقوة، وكذلك على قوة النيران وعلى الاستخبارات والحرب السبرانية. ومن المفترض أن يكون أصغر حجماً لكن أكثر ذكاءً.
  • ويتطرق هذا البحث إلى جانب واحد فقط من الإصلاح: تصغير حجم الجيش. وينبغي أن تؤخذ قاعدتان في الحسبان عندما تكون وجهتنا هي "الأصغر لكن الأذكى". القاعدة الأولى هي "مفارقة كثافة القوات" التي تفترض أن التحديات المنخفضة الحدة تتطلب في الواقع عدداً أكبر من القوات، من مثيلاتها المرتفعة الحدة. والقاعدة الثانية هي نسبة القوة إلى مساحة الحيز المكاني، وتتعلق هذه القاعدة بعديد القوات المطلوبة لتنفيذ مهام عسكرية داخل منطقة معينة، أو السيطرة على أراضٍ جرى احتلالها.
  • إن قياس حجم القوات المطلوبة لتنفيذ عمليات في المناطق المأهولة يكون بالنسبة لحوالي 1000 نسمة من السكان المقيمين. فإذا كان حجم القوات متدنياً، انخفضت قدرة الجيش على السيطرة على أرض الخصم المأهولة بالسكان. وبالتالي، فإن الأحجام مهمة جداً. ومعظم التوصيات بشأن حجم القوات تقترح بين 20 و25 جندياً لكل ألف نسمة من السكان المقيمين في منطقة العمليات.
  • وفي النزاعات غير المتكافئة، من الصعب بل من المستحيل أحياناً، الاعتماد على عدد صغير من القوات من خلال استخدام أسلحة فائقة التكنولوجيا لتدمير قوات غير نظامية متطورة والسيطرة على الأرض التي تدور في رحاها حرب العصابات، مع تحقيق النصر الحاسم في ميدان القتال، أو تدمير منصات إطلاق صواريخ يستخدمها المتمردون ضد المناطق المأهولة بالسكان. وحتى أشد المدافعين عن الجيوش الصغيرة والذكية، يعترفون بأن هناك حاجة في بعض الأحيان لجيش تقليدي ضخم حتى في النزاعات المنخفضة الحدة.
  • وخلال حرب لبنان [تموز/يوليو] 2006 على سبيل المثال، واجه الجيش الإسرائيلي نقصاً في القوات البرية نتيجة سنوات من عدم الاستثمار الكافي في قوات الاحتياط، إذ لطالما شكلت وحدات الاحتياط العمود الفقري لتعزيز القوات البرية إبّان الحرب. ولكن قبل اندلاع حرب لبنان الثانية في العام 2006، فشل الجيش الإسرائيلي في استيعاب أن عدداً ملحوظاً من وحدات الاحتياط ضرورية في النزاعات المنخفضة الحدة أيضاً. فقد صرح رئيس قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي الجنرال داني فان بورين قبل شهرين من اندلاع الحرب، بأن "الحرب التقليدية لم تعد على رأس أولوياتنا". وبناء على ذلك ألغى الجيش الإسرائيلي بعض وحدات الاحتياط وقلص تفعيل عدد ملحوظ من جنود وضباط الاحتياط، وخفض بمقدار النصف تقريباً عدد أيام خدمة الجنود الاحتياطيين السنوية من 30 يوماً إلى 14 يوماً، وفعّل وحدات الاحتياط للتدريبات فقط (لا للقتال أو لواجب الحراسة)، وخفض الحد الأقصى لسن أفراد الاحتياط من 46 عاماً إلى 40 عاماً.
  • وخلال الحرب، دفع الجيش ثمن جميع هذه التغييرات.
    وأخيراً، مهما كان الجيش متطوراً من الناحية العملانية أو التكنولوجية، ينبغي أن تكون القوة العسكرية العاملة في النزاعات المنخفضة الحدة، كبيرة إذا أراد الجيش أن يكون فاعلاً، إذ من شأن خفض عدد الألوية العسكرية وحل وحدات الاحتياط من قوات المشاة، أن يضعف فاعلية الجيش الإسرائيلي في التعامل مع التحديات المنخفضة الحدة.
  • وفضلاً عن ذلك، فإن عدداً كبيراً من القوات مطلوب للتعامل مع السيناريوات المتعددة الجبهات التي قد تزداد فرص اندلاعها في المستقبل.