كشف محضر اجتماع الحكومة الذي تداول بشأن تقرير "لجنة كاهان": شارون حذّر بيغن من تبنّي الجزء الذي حمّل إسرائيل مسؤولية ارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

نشر الأرشيف الرسمي لدولة إسرائيل أمس (الخميس) محضر الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية برئاسة مناحم بيغن في 10 شباط / فبراير 1983، وتداولت خلاله بشأن موقفها من تقرير "لجنة كاهان" [لجنة التحقيق الإسرائيلية الرسمية التي تقصّت وقائع مجزرة صبرا وشاتيلا]، والذي كان قد صدر قبل هذا الاجتماع بثلاثة أيام، وأوصت فيه، ضمن أشياء أُخرى، بإطاحة وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت أريئيل شارون، بسبب عدم قيامه بمنع ارتكاب المجزرة.

ووفقاً لهذا المحضر الذي كان سرياً للغاية حتى الآن، فإن شارون حضر إلى الاجتماع المذكور متأخراً ساعة ونصف ساعة، وقال خلال الاجتماع أنه قرأ تقرير لجنة التحقيق بتمعن شديد، وخلص إلى الاستنتاج أن التقرير يحتوي على أجزاء يمكن للحكومة قبولها، وعلى أجزاء أُخرى لا يجوز القبول بها على الإطلاق.

وأضاف شارون أن الأجزاء التي لا يجوز قبولها هي تلك التي أكدت اللجنة فيها أن زعماء إسرائيل وقادة المؤسسة الأمنية تغاضوا عمداً عن خطر ارتكاب المجزرة في مخيمَي اللاجئين الفلسطينيين، وشدّد على أن هذا التأكيد يحمّل الجميع مسؤولية ارتكاب المجزرة، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بيغن، وعلى أنه في حال قبول الحكومة هذا التأكيد، فإنها ستكون عرضة لأن تُدان بارتكاب جريمة إبادة شعب، ولأن تُطالَب بدفع تعويضات كبيرة. ولفت إلى أن جرائم إبادة الشعب تُعتبر أبشع الجرائم في سجل القوانين الإسرائيلية، وذلك بموجب قانون خاص سنّه الكنيست في سنة 1950 في هذا الشأن. وقال إن كل مَن سمح [بارتكاب المجزرة]، وقدّم المساعدة، وكان حاضراً بنفسه كي يمنع أي مقاومة، أو كي يضمن تنفيذ العملية التي كانت قوات الكتائب تزمع القيام بها في المخيمَين، سيكون شريكاً، أو ربما يبدو كما لو أنه شريك في ارتكاب جريمة إبادة شعب.

وعند هذا الحد قام شارون بتقديم شرح مفصل عمّا يقصده بمساهمة "المشتركين" في هذه المجزرة، قائلاً: "معروف أننا من قام بالتوجه إليها [أي إلى قوات الكتائب] كي تدخل [إلى المخيمَين]، وقمنا بتقديم المساعدة، ووفرنا الإضاءة، وساعدنا في إجلاء الجرحى، وكنا موجودين في المكان." وأضاف: "معروف أيضاً أننا كنا في ذلك المكان، وفي المنطقة المحيطة به، كي نردع المقاومة. أفلم نعزل المنطقة عن مناطق أُخرى؟ لقد فعلنا ذلك بالتأكيد. وقد قامت قوات تابعة لنا بالمرابطة في المكان، بينما رابطت قوات أُخرى بالقرب منه كي نضمن التنفيذ، وخشية من أن تُمنى القوات التي تم جلبها بالفشل ويكون هناك حاجة إلى تخليصها."

وتطرّق شارون إلى الجزء المتعلق به في التقرير، فقال إن الحديث لا يدور على مسألة شخصية، وأنه لا يشعر بأنه ارتكب أي خطأ عندما وافق على دخول قوات الكتائب إلى المخيمَين للحؤول دون تعريض حياة الجنود الإسرائيليين للخطر، وأكد أن أخذ مثل هذه الحجة في الاعتبار لا يشكل خطأ. كما أعلن رفضه تنفيذ التوصية الواردة في التقرير، والتي تنص على ضرورة أن يقدّم استقالته من منصب وزير الدفاع.

وخاطب شارون الوزراء قائلاً: "إذا كنتم راغبين في قطع رأسي، فافعلوا ذلك بالطريقة التي ترونها ملائمة، لكن من جانبي لن أبادر إلى تقديم الاستقالة بنفسي." وشدّد على أن خطوة كهذه [تقديم الاستقالة] تعني الإقدام على الانتحار [السياسي].

ومعروف أنه في نهاية الأمر وافقت الحكومة الإسرائيلية على تبنّي تقرير "لجنة كاهان"، واتخذت قراراً قضى بإطاحة شارون من منصب وزير الدفاع.

 

وكانت هذه اللجنة أوصت أيضاً بعدم تعيين شارون في منصب وزير الدفاع في المستقبل، لكن بعد مرور أقل من 20 عاماً [في سنة 2001] عاد إلى سدّة الحكم في إسرائيل كرئيس للحكومة.