رفض مندوبو السلطة الفلسطينية خلال آخر لقاء عقد بينهم وبين مندوبين من إسرائيل مناقشة موضوع الترتيبات الأمنية المتعلقة بالدولة الفلسطينية التي ستُقام، وعلى ما يبدو فإن هذا الرفض هو الذي تسبب بعدم تقدّم المحادثات التي تجري بين الجانبين منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في العاصمة الأردنية عمّان خطوة واحدة إلى الأمام.
وكان المحامي يتسحاق مولخو، المبعوث الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية إلى مفاوضات السلام، قد أتى إلى هذا اللقاء الذي عقد مساء السبت الفائت برفقة العقيد أساف أوريون رئيس القسم الاستراتيجي في شعبة التخطيط في هيئة الأركان العامة، والذي كلف عرض مواقف إسرائيل بشأن الترتيبات الأمنية، غير أن صائب عريقات رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض رفض أن يشترك أوريون في اللقاء، وعلى الرغم من ذلك قرر الجانب الإسرائيلي الاستمرار في المحادثات.
ومن المتوقع أن تنتهي غداً (الخميس) مهلة الـ 3 أشهر التي حددتها الرباعية الدولية لانطلاق محادثات بين الجانبين بشأن الحدود والترتيبات الأمنية، غير أن ما حدث في آخر لقاء بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني يبين الفجوة الكبيرة القائمة بينهما.
وكانت صحيفة "معاريف" قد ذكرت أول أمس (الاثنين) نقلاً عن عدة مصادر دبلوماسية غربية أن الاقتراح المطروح في الوقت الحالي من أجل تجنب تفجر المحادثات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بعد يوم 26 كانون الثاني/ يناير الحالي هو إقدام إسرائيل على إطلاق أسرى فلسطينيين من الشخصيات القيادية من سجونها في مقابل تنازل السلطة الفلسطينية عن مطلب تجميد الاستيطان في الضفة الغربية.
وأضافت أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يدرك أن عليه أن يقدّم شيئاً إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كي يعزز مكانته وقدرته على الاستمرار في هذه المحادثات، لكن نتنياهو يؤكد في الوقت نفسه أن أوضاعه السياسية الداخلية لا تسمح له إمكان أن يكون هذا الشيء إعلان تجميد أعمال البناء في المستوطنات مثلاً.
كما أشارت إلى أن السلطة الفلسطينية قدمت إلى إسرائيل في آخر لقاء قائمة تشمل أسماء الأسرى الذين تطالب بإطلاقهم، وفي مقدمهم مروان البرغوثي، وأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المسؤول عن اغتيال الوزير الأسبق رحبعام زئيفي. كما أنها تضم 123 أسيراً من حركة "فتح" اعتقلتهم إسرائيل قبل توقيع اتفاق أوسلو، و23 عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني من حركة "حماس"، ورئيس المجلس التشريعي عزيز دويك، أحد قادة "حماس"، الذي اعتقلته إسرائيل قبل نحو أسبوع بتهمة "تشجيع الإرهاب". ونقلت عن مصدر فلسطيني رفيع المستوى قوله إنه في حال موافقة إسرائيل على إطلاق هؤلاء الأسرى فلسطينيين فإن احتمال أن يوافق عباس على التنازل عن مطلب تجميد الاستيطان يصبح كبيراً.
ومع ذلك فإن إسرائيل ما زالت ترفض إطلاق هؤلاء الأسرى.
وقالت مصادر رفيعة المستوى في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية للصحيفة إن مسؤولين كباراً في السلطة الفلسطينية يمارسون ضغوطًا على عباس كي يوقف محادثات عمان بعد يوم 26 كانون الثاني/ يناير الحالي، ويقترحون عليه أن يستغل فشل هذه المحادثات لأغراض دعائية، ولتعزيز شرعية مطالب الفلسطينيين لدى الأسرة الدولية، ولاستئناف النشاطات الأحادية الجانب في مؤسسات الأمم المتحدة.
من ناحية أخرى فإن كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يمارسان الضغوط على الجانب الفلسطيني كي يستمر في هذه المحادثات المباشرة حتى بعد انتهاء مهلة الرباعية الدولية.