أبو مازن لن يوقع اتفاقاً موقتاً ولا اتفاقاً على دولة بالاسم بلا مضمون
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      يزعم شلومو أﭬـينيري في مقالة نُشرت في صحيفة "هآرتس" في 10/2 تحت عنوان" لن يوقع"، أن رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت على قدر كبير من الوقاحة أو الاستهانة بذكاء الجمهور عندما يزعم أن ما لم ينجح في تحقيقه خلال عشرات اللقاءات التي أجراها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يمكن تحقيقه في المستقبل. ويعترف أﭬـينيري بالتجربة الكبيرة التي يملكها أولمرت في المفاوضات، لكن هذه الخبرة الكبيرة لم تساعد رئيس الحكومة السابق في مواجهة دهاء أبو مازن، إذ لم ينجح أولمرت وفق ما قاله أﭬـينيري، في أن يلاحظ أن هدف أبو مازن هو الحصول من إسرائيل على المزيد من التنازلات كي يجبر حكوماتها المقبلة على البدء بالمفاوضات من النقطة التي توقفت عندها "والتقيد بالتنازلات الإسرائيلية التي ليس هناك ما يوازيها من الجانب الفلسطيني".

·      يا ليت حكومة نتنياهو اضطرت إلى بدء المحادثات من حيث أنهاها أولمرت. ومن المؤسف جداً تمسك الوسيط الأميركي بالقاعدة التي وضعها إيهود باراك في محادثات كمب ديفيد [تموز/يوليو 2000] القائلة بأن "لا شيء متفق عليه إلى أن يتم الاتفاق على كل شيء".

·      لم يضطر نتنياهو إلى بدء المفاوضات من المكان الذي توقف عنده أولمرت فحسب، بل وأكثر من ذلك وضع أمام أبو مازن مطالب جديدة وفي مقدمها الاعتراف بإسرائيل بصفتها الدولة القومية للشعب اليهودي. كما أن المطالبة الإسرائيلية بالسيادة الإسرائيلية الطويلة الأمد على غور الأردن لم تكن واردة في الاقتراح الذي قدمه أولمرت إلى أبو مازن، على الرغم من أن فكرة تبادل أراض ظهرت في سنة 2000 في خطة كلينتون، والممثل الإسرائيلي الوحيد في حكومة نتنياهو الذي طرحها هو وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، شرط أن تترافق مع سحب الجنسية من عرب إسرائيليين.

·      ولم يضطر نتنياهو حتى إلى احترام تعهدات حكومة شارون (التي كان وزيراً فيها) المتعلقة بخريطة الطريق العائدة إلى سنة 2003- أي التجميد الكامل للبناء في المستوطنات (بما في ذلك ما تفرضه الزيادة الطبيعية) وإخلاء المواقع الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار/مارس 2001 (وهذا البند لم يرد ضمن التحفظات الإسرائيلية الـ14 على خريطة الطريق). وعلى الرغم من أنه منذ ذلك الحين ارتفع عدد المستوطنين من 200 ألف إلى أكثر من 350 ألفاً، فإن "الشريك في ابتزاز التنازلات من إسرائيل" لا يزال متمسكاً بالعملية السياسية ويرفض بشدة التخلي عن احتمال التسوية.

·      يتجاهل أﭬـينيري أن أكبر تنازل فلسطيني تاريخي جرى مع اعلان منظمة التحرير الفلسطينية الاستقلال سنة 1988 وتبنيها قرار مجلس الأمن 242 الذي ينص على حدود 1967، مما يعني التخلي عن 78% من مساحة فلسطين في زمن الانتداب. أما التنازل الثاني فجرى سنة 2002 مع تبني مبادرة السلام العربية التي اقترحت حلاً عادلاً ومتفقاً عليه (مع إسرائيل) لمشكلة اللاجئين، على أساس قرار الجمعية العامة رقم 194 (يقول خبراء في القانون درسوا هذا القرار إنه لا يجعل حق العودة ساري المفعول). كما أن أبو مازن أعلن أنه يتنازل عن حقه بالعودة إلى منزله في صفد، ووافق على وجود قوة دولية في فلسطين. فما هي التنازلات الموازية التي كان يتوقعها أﭬـينيري؟

·      لن يوقع أبو مازن اتفاقاً يعطيه دولة اسمية فارغة من المضمون على صورة دولة الوصاية في أفريقيا الجنوبية. ولماذا سيكون عليه أن يدفع مقابل ما حصلت عليه "حماس" مجاناً، وهو آخر شبر في غزة؟، كما أن أبو مازن لن يوقع اتفاقاً موقتاً أو اتفاقاً مرحلياً كما يقترح أﭬـينيري، فقد تعلم خلال 21 سنة من الاتفاقات الموقتة والمرحلية، أنه بالنسبة لإسرائيل ليس هناك أكثر ثباتاً من الموقت ولا يوجد شيء أكثر اكتمالاً من الجزئي. كما أن أبو مازن ليس شريكاً في تسوية تقوم على إدارة الصراع. ومن يبحث عن ذلك، فمن الأفضل أن يتوجه إلى مكاتب "حماس"، فأبو مازن لن يرهن نفسه ولا أبناء شعبه.