تضاؤل الدافع لدى حركة "حماس" للحفاظ على وقف إطلاق النار مع إسرائيل
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

·      يمكن القول إنه عندما تختنق حركة "حماس" اقتصادياً من جرّاء سبب يعود في نظرها إلى فرض حصار إسرائيلي ومصري على قطاع غزة، فإنها تلجأ إلى السماح للمنظمات "الإرهابية" بإطلاق الصواريخ على إسرائيل باعتبار ذلك سبيلاً لبث الإحساس بأن الأوضاع غير عادية.

·      ولا شك في أن الأحداث الحدودية على طول السياج الأمني الذي يحيط بقطاع غزة، وتصاعد إطلاق الصواريخ على منطقة النقب الغربي، وهجمات سلاح الجو الإسرائيلي على القطاع بين الحين والآخر، باتت أشبه بطقوس تسم ما يمكن أن نعتبره "تصعيداً هادئاً" في حجم الأحداث الأمنية في جنوب إسرائيل وعادة ما تقع بعيدة عن انتباه وسائل الإعلام والجمهور العريض. ويصبح ما يجري في الجنوب محط اهتمام هذا الجمهور فقط، عندما يضرب أحد الصواريخ مدينة إسرائيلية كبيرة مثل عسقلان.

·      إن قائمة الأحداث التي شهدها القطاع في نهاية الأسبوع الفائت لا تختلف من ناحية جوهرية عن الأحداث التي وقعت على مدار كل أسبوع من الأسابيع الأخيرة. والمسؤولة عن معظم عمليات إطلاق الصواريخ في نهاية سنة 2013 وبداية سنة 2014، هي المنظمات التي تسمي نفسها سلفية. ويدور الحديث حول أشد الجهات تطرفاً بين التيارات الإسلامية المتعددة، إذ إنها تتطلع للعودة إلى عهود الخلافة الإسلامية العظمى التي جاءت بعد عصر النبي محمد، وتتبنى حرب الجهاد ضد كل الكفار اليهود والمسيحيين وكذلك ضد المسلمين الذين لا يتبعون نهجها.

·      وينشط معظم مقاتلي الجهاد السلفيين في شبه جزيرة سيناء. وفي قطاع غزة ينشط بضع مئات منهم ينضوون تحت كنف عشرات المنظمات. ويرى الجيش المصري في سلفيي قطاع غزة وسيناء العدو رقم واحد، أما حركة "حماس" فإنها العدو الثاني سواء بسبب أن القطاع يمنح مأوى للسلفيين أو لأن هذه الحركة تتماثل مع حركة "الإخوان المسلمين" التي تم حظرها قانونياً في مصر.

·      وتلقت "حماس" ضربة كبيرة من جراء قيام الجيش المصري في إطار الحرب التي يخوضها ضد السلفيين، بإغلاق الأنفاق في منطقة الحدود بين مصر والقطاع بصورة شبه تامة. وكانت هذه الأنفاق أتاحت حركة انتقال المقاتلين السلفيين إلى القطاع، إلى جانب عمليات تهريب السلاح والبضائع من سيناء إلى القطاع وبالعكس.

·      وشكل إغلاق الأنفاق ضربة اقتصادية وعملانية موجعة، فمنذ عملية "عمود سحاب" العسكرية الإسرائيلية ضد القطاع [تشرين الثاني/ نوفمبر 2012] لم تنجح المنظمات "الإرهابية" في استئناف عمليات تهريب الصواريخ من ليبيا أو من إيران عبر سيناء. وباتت ترسانة هذه المنظمات الآن مرهونة فقط بقدرتها على الإنتاج الذاتي الذي أصبح قادراً على إنتاج صواريخ تصل إلى منطقة تل أبيب وعلى تطوير طائرات بدائية من دون طيار.

·      غير أن الوضع في قطاع غزة في الوقت الحالي يعتبر دينامياً والانتماء التنظيمي لم يعد قوياً. وأحياناً ينتقل ناشطو منظمة معينة إلى منظمة أخرى ويأخذون معهم ذخيرتهم وصواريخهم.

·      كما أن القطاع يشهد اضطرابات في ضوء النشاط الذي لا يتوقف لقوات الجيش الإسرائيلي الذي يهدف إلى إحباط زرع عبوات ناسفة وحفر أنفاق على طول السياج الأمني المحيط به. ويشكل هذا النشاط مصدراً لاحتكاكات لا تنتهي.

·      إن السلفيين في القطاع ليسوا الجهة الوحيدة المعنية بتصعيد الوضع الأمني مع إسرائيل، فثمة منظمات "إرهابية" أخرى مثل لجان المقاومة الشعبية أو حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني لديهما مصلحة في أن تطلقا بين الفينة والأخرى صاروخاً أو أكثر باتجاه إسرائيل. وإذا كان مثل هذا الأمر يمكنه أن يورّط "حماس" أيضاً مع إسرائيل، فإن هذه المنظمات تكون قد ضربت عصفورين بحجر واحد.

·      على مدار الفترة التي مضت منذ عملية "عمود سحاب"، أثبتت حركة "حماس" أنها تمتلك قدرة شبه مطلقة على فرض وقف إطلاق النار مع إسرائيل على جميع المنظمات في القطاع. ويمكن القول إن مصلحتها في الوقت الحالي ما زالت كامنة في منع تصعيد الوضع. لكن ثمة احتمال بأن يكون سبب تراجع النشاط الذي تقوم به "حماس" ضد إطلاق الصواريخ من القطاع عائد إلى ضعفها أو إلى تضاؤل الدافع، ويبدو لي أن السبب الأخير هو الغالب منطقياً.