من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· بالاستناد إلى اتفاق الإطار، فإن 80% من المستوطنين سيبقون في أماكنهم. من المهم العودة مرة أخرى إلى هذا المعطى الذي لسبب ما، لم يبرز بصورة واضحة في سيل التسريبات. وإذا كان صحيحاً أن النقاش السياسي يتمحور الآن حول الترتيبات الأمنية والاعتراف بإسرائيل دولة يهودية- إلى جانب الاتفاق على عدم اخلاء القسم الأكبر من المستوطنين، فإن هذا معناه أن مؤيدي المشروع الاستيطاني انتصروا.
· وفي الواقع، كان هؤلاء على حق. فإذا نظرنا إلى الموضوع بعيداً عن المسائل الأيديولوجية والأخلاقية، نجد أن الاستيطان كان مفيداً، والدليل على ذلك أننا نستطيع التوصل إلى تسوية مع مواصلة أغلبية المستوطنين العيش في المناطق بموافقة الفلسطينيين والجامعة العربية والأميركيين والأوروبيين. وسواء جرى إدخال هؤلاء المستوطنين ضمن الكتل الاستيطانية، أو أنه جرى توسيع الحدود حول المستوطنات، فإن هذا يقوض الحجة السائدة التي تعتبر المستوطنات عقبة في وجه السلام.
· إن الموافقة على إبقاء 80% من المستوطنين في أماكنهم، يمكن أن تفسر سبب دعم بنيامين نتنياهو قبل خمسة أعوام للمستوطنات واعتقاده أن الدولة الفلسطينية كارثة، وأن تفسر لماذا لم تعد كارثة اليوم. إن حجة أريئيل شارون المشهورة بعد أن غير موقفه [إعلان خطة الانفصال عن غزة] بأن "ما نراه من هنا لا نراه من هناك" لا تكفي لإقناعنا. صحيح أن مكتب رئيس الحكومة مطلع على معلومات لا يعرفها الجمهور، لكن بالنسبة لكل ما يتعلق بالتسوية السياسية، فإن الأمور كانت واضحة منذ عقود. من هنا يطرح السؤال: هل كذب زعماء اليمين الذين غيروا مواقفهم؟ أم أنهم خضعوا للضغط؟ أم كانت لديهم استراتيجية لم ندركها؟
· من أجل الحصول على جواب، يجب أن نتذكر أنه منذ العام 1967 أدركت جميع الحكومات الإسرائيلية بصورة أو بأخرى، أنها في مرحلة معينة ستضطر إلى تحقيق تسوية. وفور انتهاء حرب الأيام الستة بحثت حكومة أشكول الخيار السياسي، وطرح دايان سياسة الجسور المفتوحة في حكومة غولدا مائير، أما بيغن فاقترح الحكم الذاتي، ووافق نتنياهو على تطبيق اتفاق أوسلو بصورة مدروسة. وحتى يتسحاق شامير قال في إحدى مقابلاته الأخيرة، إن خطته كانت انتظار بروز زعامة جديدة في المناطق بعد القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، من أجل محاولة التوصل إلى اتفاق مع المعتدلين من الفلسطينيين. هذا لا يعني أنه كان مستعداً لنشوء دولة فلسطينية، لكن الجميع اعترف بالحاجة إلى اتفاق سياسي معين. في المقابل، تبرز حقيقة تاريخية أخرى: إن جميع الحكومات- سواء كانت يسارية أو يمينية- دعمت المستوطنات، مباشرة أو بصورة غير مباشرة.
· إن بقاء نحو 80% من المستوطنين في أماكنهم. يعني وجود استراتيجية صهيونية متواصلة وراء المشروع الاستيطاني، طبقت في المناطق السياسة التي اتبعها بن غوريون، أي تحقيق الأفضل مما هو ممكن. لقد اعترفت حكومات إسرائيل بالحاجة إلى تقديم تنازلات، لكنها أرادت كسب الوقت وخلق وقائع على الأرض إلى حين الوصول إلى وضع نستطيع فيه أن نبقي بين أيدينا الجزء الأكبر مما هو متاح.
قد يبدو غريباً اعتبار التسوية التي يجري إعدادها انتصاراً للمستوطنات، لأن العادة جرت أن يوصف التطرق إلى تقسيم أرض إسرائيل على أنه انتصار لليسار. لكن بقاء 80% من المستوطنين في أماكنهم يفرض قراءة مختلفة للوضع.