عودة سياسة الاغتيالات إلى غزة من الباب الخلفي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      تكشف محاولة الاغتيال الإسرائيلية (يوم الأحد) ضد عبد الله الخرطي، وهو من الناشطين الارهابيين في قطاع غزة، عودة سياسة الاغتيالات من الباب الخلفي. صحيح أن إسرائيل لم تعلن أنها ستوقف اغتيال القادة العسكريين في التنظيمات الارهابية، لكن منذ عملية "عمود سحاب" في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، خفّضت بصورة كبيرة عدد محاولاتها هذه في ظل الهدوء النسبي الذي ساد الحدود.

·      يعتبر الهجوم على الخرطي الذي أصيب بجروح بالغة بصاروخ اطلقته طائرة إسرائيلية، الثالث من نوعه خلال أسبوعين. وكان ناشط فلسطيني قد قتل وجُرح ثالث في عمليتين سابقتين. والقاسم المشترك في هذه العمليات أنها استهدفت أشخاصاً يعملون في خلايا مستقلة نسبياً وضمن إطار تنظيمات غير خاضعة لسلطة حركة "حماس"، أو ينتمون إلى بقايا فصائل انشقت عن شبكات أكبر، وتصفها الاستخبارات الإسرائيلية بالتنظيمات "المارقة".

·      بعض هذه التنظيمات يقيم علاقات مع ما يسمى "الجهاد العالمي"، هذا الائتلاف الفضفاض الذي يتغذى من الأفكار المتطرفة لبن لادن والقاعدة. وما يمكن قوله إن المخربين الذين تعرضوا للهجوم لا ينتمون إلى "حماس". لذا، فإن رد "حماس" التي تسيطر على القطاع ما يزال مضبوطاً. وبرغم تكاثر عدد الاغتيالات، فإن هذا لم يتسبب بموجة هجمات انتقامية تستدعي رداً إسرائيلياً جديداً.

·      في جميع الحوادث التي جرت، لم يكن المقصود اعتراض خلية كانت في طريقها إلى اطلاق صاروخ على إسرائيل، بل اغتيال موجه نحو شخص محدد كان متورطاً في اطلاق صواريخ وفي محاولات هجمات أخرى. ولهذه الخطوة هدف مزدوج: تصفية حسابات على جرائم ماضية، وإحباط عمليات إرهابية في المستقبل.

·      إن السبب الذي دفع إسرائيل إلى القيام بذلك هو استمرار تساقط الصواريخ من غزة على النقب. فبعد الهدوء الذي ساد الحدود طوال أيام الأسبوع الماضي، برز ارتفاع في عمليات اطلاق الصواريخ في نهاية الأسبوع الأخير. وبين يومي الجمعة والسبت سُجل سقوط أربعة صواريخ في الأراضي الإسرائيلية.

·      في مواجهة ذلك، تبحث إسرائيل عن الأسلوب الملائم للرد. وهي ترفع وتخفض ضغطها على "حماس" وفقاً للتطورات، على أمل أن يؤدي ذلك إلى جانب الضغط الذي تمارسه مصر على "حماس"، إلى تهدئة الحدود.

·      من جهتها، تغيّر "حماس" ردودها، فهي تارة تنشر قواتها بالقرب من الحدود لمنع التنظيمات الصغيرة من اطلاق الصواريخ، وأحياناً تبعد قواتها من هناك. لكن النظرة الأكثر شمولاً توضح أنه طوال الأسابيع الأخيرة كان الوضع على طول الحدود مع القطاع أكثر توتراً من الماضي مع احتمال نشوب احتكاكات أكبر. فعندما يصبح تساقط الصواريخ يومياً ويتراجع الشعور بالامان لدى سكان المستوطنات في "غلاف غزة"، سيزداد الضغط على حكومة نتنياهو من أجل العمل بحزم أكبر ضد التنظيمات التي تطلق الصواريخ. وسيزيد خطر التصعيد بصورة كبيرة في حال وقوع إصابات في الجانب الإسرائيلي نتيجة إطلاق الصواريخ.

·      في ظل هذا كله، لوحظ في الفترة الأخيرة تقارب مفاجئ بين "حماس" والسلطة الفلسطينية. وثمة وفود من رام الله تتوالى على زيارة قطاع غزة. في الماضي فشلت جميع محاولات الوساطة بين الطرفين، لكن يُلاحظ بوضوح في الفترة الحالية ضعف "حماس". ويبدو أن قدرة السلطة على جمع أموال المساعدات الاقتصادية من الخارج، تفوق قدرة "حماس" التي ترغب بالحصول على مساعدة السلطة في رام الله من أجل الحصول على مساعدات اقتصادية.

·      إن مصير المصالحة بين "حماس" والسلطة مرتبط بصورة أساسية بما ستسفر عنه مبادرة كيري من أجل الدفع قدماً بمحادثات السلام بين إسرائيل والسلطة. ومن المحتمل أن يكون رئيس السلطة محمود عباس في طور التحضير لخطة بديلة من أجل تحسين التنسيق بين المعسكرين الفلسطينيين في حال وصول الاتصالات مع إسرائيل إلى حائط مسدود.