تهديد جون كيري بالمقاطعة الاقتصادية لإسرائيل يخيف الإسرائيليين ويحول دون تقديمهم تنازلات سياسية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

·      من الواضح أن جون كيري صديق لإسرائيل، فقد كان صديقاً لها عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ، وما يزال كذلك بعد أن أصبح وزيراً للخارجية. ويبدو أن سعيه من أجل تحقيق حل الدولتين ينبع من حبه العميق لإسرائيل وخوفه عليها من ألا تبقى ملاذاً ديمقراطياً للشعب اليهودي إذا لم تنفصل عن حياة الفلسطينيين الذين يتطلعون إلى دولتهم المستقلة. من هنا يمكن القول إن السياسيين الإسرائيليين من اليمين المتطرف الذين يعتبرون كيري معادياً للسامية ومعادياً للصهيونية هم ببساطة، أغبياء.

·      إن استراتيجية كيري في الشرق الأوسط ذكية للغاية، فهو يهتم بأي قلق يبديه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ويحاول تبديد مخاوف إسرائيل. لكن في إدارته للمفاوضات ارتكب كيري خطأً واحداً عندما ذكر أكثر من مرة الحملة الدولية لمقاطعة إسرائيل.

·      يزعم كيري أنه إذا فشلت المفاوضات فمن المحتمل ان تزداد حملة المقاطعة ضد إسرائيل. من المحتمل أن يكون على حق. لكنه عندما يتحدث عن ذلك علناً فإنه يدعم مؤيدي المقاطعة (الذين هم في أغلبيتهم من المعارضين لفكرة الدولة اليهودية)، وهو أيضاً يخيف الإسرائيليين. وعندما يخاف الإسرائيليون فإنهم لا يميلون إلى تقديم تنازلات خطرة من أجل السلام.

·      في مؤتمر الأمن الذي عُقد في ميونيخ في الفترة الأخيرة، تحدث كيري عن فوائد التوصل إلى اتفاق دائم بين إسرائيل والفلسطينيين، وذكّر بحملة المقاطعة ضد إسرائيل. كنت جالساً بين الحضور وفجأة شعرت بالغثيان، وفي رأيي أن السبب ليس تحديداً مضمون الكلام الذي قاله كيري بل المكان الذي تحدث فيه، أي ألمانيا وميونيخ بصورة خاصة، فهذا ليس المكان الذي يطرح فيه موضوع المقاطعة ضد اليهود.

·      أنا من معارضي المستوطنات لأنني أعتقد أن يهودا والسامرة [الضفة الغربية] هي قلب الوطن القومي الفلسطيني. وتقلقني انعكاسات استمرار استعمارها. وفي رأيي أن المستوطنين ليسوا رواداً صهيونيين كما ينظرون إلى أنفسهم، بل جيش الانقاذ لفكرة الدولة الثنائية القومية. فإذا ما نجحوا ونجحت إسرائيل في مواصلة السيطرة على يهودا والسامرة إلى أبد الآبدين، فإن إسرائيل لن تبقى دولة يهودية وديمقراطية، وسيشكل هذا مأساة.
فلماذا والحال هذه أنا ضد المقاطعة حتى تلك المتعلقة بالبضائع التي تنتجها المستوطنات؟ السبب أنني اعتقد أن فكرة فرض المقاطعة الاقتصادية على اليهود عمل مؤذ. فطوال التاريخ استُخدمت المقاطعة من أجل معاقبة اليهود، وليس فقط في ألمانيا خلال ثلاثينيات القرن الماضي.

·      وفي الواقع، فإن سجل إسرائيل في ما يتعلق بموضوع حقوق الإنسان هو الأفضل في الشرق الأوسط، ومن الأكيد أن هناك دولاً أخرى غيرنا في المنطقة مرشحة للمقاطعة، لكن حملة المقاطعة اختارت كبش فداء واحداً. ويعلم كيري ذلك. لذا لا مشكلة لدي في أن يتحدث كيري مطولاً عن المقاطعة ضد إسرائيل، لكن يتعين عليه أن يفصل ذلك عن المستوطنات ومشكلة اللاجئين والتسوية الأمنية في غور الأردن.