من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· في هذه الأيام التي يستعد فيها الإسرائيليون والفلسطينيون لمعركة تبادل الاتهامات حول فشل المفاوضات، يجدر درس السبب الذي يجعل الفشل مآل مبادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري حتى قبل أن تبدأ، وما هو مطلوب عمله كي لا يتسبب هذا الفشل بتصعيد في الوضع قد تكون نتيجته القضاء على احتمالات تسوية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.
· معروف أنه في العقود الأخيرة أصبحت المقاربة الأميركية إزاء تسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين مستندة أولاً وقبل أي شيء، إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242، ومن ثم قرارات مؤتمر مدريد للسلام [1991] واتفاقيات أوسلو [1993] وما عرضه رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود باراك على رئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات خلال قمة كامب ديفيد [2000].
· وتتمثل العناصر الأساسية لهذه المقاربة بالسعي لحل على أساس خطوط 1967 مع تبادل للأراضي، وإجراء مفاوضات مباشرة برعاية الأميركيين كوسيط نزيه ومورد للضمانات والحوافز، مع شريك في الجانب الفلسطيني يكون عبارة عن قيادة منتخبة تعترف بحق إسرائيل في الوجود. وفي الوقت الحالي، المقصود بذلك هو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يشغل أيضاً منصب رئيس حركة "فتح" ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات.
· غير أن هذه المقاربة لم تعد ذات صلة كأساس يمكن أن يتم بناء عليه التقدّم نحو حل دائم، فالمشروع الاستيطاني في المناطق [المحتلة] وصل خلال الأعوام الخمسة الأخيرة إلى حجم لا يسمح بإخلاء جميع المستوطنات بل ولا حتى معظمها، والكتل الاستيطانية تمتد على مناطق واسعة. وإمكان تحقيق عملية تبادل للأراضي بنسبة 1:1 كما يطالب به الفلسطينيون من دون المس باحتياطات حيوية من الأراضي داخل الخط الأخضر، أمر غير قابل للتنفيذ. أما المطلب الإسرائيلي المبرّر من الناحية الأمنية بشأن استمرار السيطرة على غور الأردن لفترة زمنية قد تستغرق عدة عقود، فيشكل عائقاً آخر في وجه التسوية. ومع ذلك، فإنه بوجود حسن نية لدى الجانبين بالإمكان التوصل إلى نموذج تسوية يقوم على أساس استئجار أراض لفترات زمنية طويلة.
· إن إسرائيل تميل أكثر إلى تفضيل نموذج المفاوضات الثنائية خشية أن يستدعي ضلوع جهات دولية ضغوطاً عليها. غير أن الأميركيين باتوا جزءاً من مشهد المفاوضات كجهة وسيطة ومحفزة، بل هم نجحوا في كسب ثقة الجانبين وتجنيد الدعم العلني لكل من مصر والأردن والسعودية للتسوية. لكن الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بالنسبة إلى [الرئيس المصري السابق] حسني مبارك، وترددها وعدم ثباتها فيما يتعلق بالموضوع السوري، وغزلها البائس لإيران، ساهم في شيوع أجواء من عدم الثقة شبه المطلقة بين الدول العربية والولايات المتحدة. وفي إسرائيل أيضاً لا يحظى أوباما ووزير خارجيته بقدر كبير من الثقة.
· في الساحة الفلسطينية الداخلية، فإن انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني [2006] التي فرضت على إسرائيل والفلسطينيين من جانب [وزيرة الخارجية الأميركية السابقة] كوندوليزا رايس بدعم من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، أدت إلى انتقال مركز الثقل في كل ما يتعلق بالشرعية الفلسطينية الداخلية من السلطة الفلسطينية في رام الله إلى حركة "حماس" في غزة، الأمر الذي جعل من الصعب على رئيس السلطة أن يتخذ أي خطوة مهمة تنطوي على حل وسط من دون الحصول على موافقة "حماس".
· إن الولايات المتحدة هي الصديقة الوحيدة التي يمكن لإسرائيل أن تعتمد عليها، غير أن أعوام إدارة أوباما سنوات ضائعة. ومع ذلك، يتعين على إسرائيل أن تعمل مع الولايات المتحدة ودول العالم بما في ذلك الدول العربية للتوصل إلى حل دائم للنزاع، لكن على أساس الإقرار بأن خطوط 1967 لم تعد ذات صلة، وأن يقول الأميركيون ذلك على رؤوس الأشهاد.
وعلى المفاوضات أن تكون متعددة الأطراف إقليمية تضم الأردن ومصر ودول الخليج من أجل إدخال "حماس" إلى المعادلة ضمن شروط مقبولة من إسرائيل، ولتوفير الدعم للقيادة الفلسطينية من أجل تقديم التنازلات اللازمة.
· في هذه الأثناء، على إسرائيل أن تحول دون اندلاع العنف من خلال انتهاج سياسة تهدف إلى تحسين الاقتصاد الفلسطيني ورفع مستوى الحياة في المناطق [المحتلة]، وفي الوقت عينه تحافظ على قوة الردع إزاء غزة. بموازاة ذلك، على إسرائيل أن تكف عن فرض وقائع على الأرض تقلل من فرص التسوية في المستقبل، وأن تبذل جهداً حقيقياً لتطبيق القانون في كل ما يتعلق بالاستيطان غير القانوني الآخذ في الاتساع في شتى أنحاء يهودا والسامرة [الضفة الغربية].