إحباط محاولة اعتداء حزب الله على أهداف إسرائيلية في بانكوك: هل سنحت فرصة الانتقام؟
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

·       يجب ألاّ نفاجأ بالتقارير التي تحدثت في نهاية هذا الأسبوع عن إحباط محاولة اعتداء من جانب حزب الله على أهداف إسرائيلية في بانكوك. إذ يعرف الجميع أن حزب الله يريد الانتقام من إسرائيل التي يتهمها باغتيال عماد مغنية، أحد كبار مسؤوليه العسكريين، في شباط/فبراير 2008.  ومما لا شك فيه أن الانتقام من إسرائيل بالنسبة إلى زعيم الحزب السيد حسن نصر الله هو مسألة مرتبطة بكرامة الحزب وكرامته الشخصية، وفضلاً عن ذلك، بات الموضوع مرتبطاً أيضاً بتحديد قواعد اللعبة والخطوط الحمر التي وضعها نصر الله في مواجهة إسرائيل.

·       كذلك علينا ألاّ نفاجأ باختيار الحزب بانكوك مكاناً لتنفيذ عملية الانتقام. فقد سبق أن استُخدمت عاصمة تايلند من أجل تنفيذ عملية انتحارية ضد مبنى السفارة الإسرائيلية فيها شبيه بالهجوم الذي نفذه أنصار الحزب ضد السفارة الإسرائيلية في عاصمة الأرجنتين سنة 1992، وأيضاً ضد مبنى تابع للجالية اليهودية هناك في سنة 1994. إلاّ إن ما حدث في السابق هو أن السيارة الملغومة التي كان يقودها انتحاري لبناني اصطدمت بإحدى المركبات في أحد شوارع بانكوك الشديدة الازدحام فغادرها سائقها وتخلى عن المهمة، الأمر الذي منع وقوع كارثة حقيقية كان يمكن أن تؤدي إلى مقتل عدد كبير من الناس.

·       هناك عدة أسباب وراء اختيار حزب الله قارة آسيا ساحة للقيام بهجماته الانتقامية ضد أخصامه وعلى رأسهم إسرائيل والولايات المتحدة، ومن بينها وجود بنية تحتية محلية أفرادها من المسلمين الذين يشكلون بيئة مساعدة، فضلاً عن التكلفة المنخفضة للتحضير للعملية وتمويلها، إلى جانب ضعف سلطات الأمن المحلية في مواجهة الإرهاب ولا سيما الإرهاب من الخارج، وأيضاً وجود ممثلية إيرانية رسمية في هذه الدول تساعد عبر رجال استخباراتها في تنفيذ مثل هذه العمليات.

·       لكن يبدو أن سبب الإسراع في تنفيذ هجوم أو سلسلة هجمات ضد إسرائيل في الوقت الحالي لا يعود فقط إلى اقتراب الذكرى الرابعة لاغتيال مغنية، بل أيضاً إلى رغبة إيران في تلقين إسرائيل درساً لاغتيالها علمائها، ولوضع قواعد جديدة للعبة من الآن وصاعداً.

·       إن تراجع عمليات الإرهاب الدولية التي يقوم بها حزب الله، والتي شكلت القسم الأكبر من العمليات الإرهابية خلال الثمانينيات والتسعينيات مرده إلى إدراك إيران أن مثل هذه العمليات من شأنها الإضرار بها، ولا سيما في ظل الأجواء الدولية الحالية غير المتسامحة مع الإرهاب ومع الدول المؤيدة له.

·       بيد أن التطورات الأخيرة تدل على وجود تفاهم بين إيران وحزب الله بشأن القيام بعمليات انتقامية ضد إسرائيل في مناطق متعددة من العالم. ويبدو أن إيران تحولت من عنصر ضابط للعمليات إلى عنصر محفز لها، وهذا ما يعرض الأهداف الإسرائيلية واليهودية في العالم للخطر الشديد.

ومما لا شك فيه أن حزب الله وإيران سيحرصان على عدم ترك أي بصمات وراءهما، وسيواصلان استخدام اللغة المزدوجة، بحيث، من جهة، يكون واضحاً للجميع مَن يقف وراء هذه الهجمات، لكن، من جهة أخرى، يواصل حزب الله وإيران دحض الاتهامات الموجهة اليهما كي لا يتحملا مسؤولية النتائج المترتبة عليها.