· قبل نحو شهرين بلّغت السلطات المصرية الحكومة الإسرائيلية أنها لن تسمح هذا العام بالزيارات التقليدية لضريح الحاخام يعقوب أبو حصيرة الموجود في قرية صغيرة بالقرب من دمنهور الواقعة على بعد نحو 60 كيلومتراً جنوب شرقي الإسكندرية. وذكرت الحكومة المصرية أن الأوضاع الحالية لا تسمح بمجيء الوفود لزيارة الضريح في مناسبة مولد أبو حصيرة.
· قد يكون هناك من يقول بأن علينا تفهم موقف السلطات المصرية التي قد تلاقي صعوبة في المحافظة على أمن الزوار اليهود إلى الضريح، ولا سيما في ظل الفوضى الحالية وتصاعد مشاعر العداء ضد اليهود وإسرائيل. ولكنّا ظننا أن الثورة "حررت" مصر، وأن أرض النيل باتت أكثر تسامحاً واحتراماً لحقوق الإنسان، فإذا بنا نكتشف أن حرية الأديان والصراع ضد العداء للسامية ليسا ضمن مخططات الثورة.
· ولد الحاخام يعقوب أبو حصيرة في المغرب سنة 1805، وتوفي في دمنهور سنة 1881 وهو في طريقه إلى إسرائيل، وهو يعتبر من كبار رجال التوراة، ومن الشخصيات المحترمة في المغرب. ولقد استمرت زيارات يهود مصر والمغرب لضريح أبو حصيرة حتى الأربعينيات من القرن الماضي، وتجددت في إثر توقيع اتفاقية السلام مع مصر سنة 1979. وفي كل عام، كان آلاف اليهود يزورون الضريح خلال النصف الأول من كانون الثاني/يناير، لكن عدد اليهود أخذ يتقلص مع تراجع حرارة السلام مع مصر، وفي ظل حملات التحريض التي كانت تقوم بها المعارضة والإخوان المسلمون لدى السلطات المحلية في دمنهور ضد زيارت اليهود للضريح. والجدير بالذكر أن هذه الزيارات توقفت خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية سنة 2001، ولم تتجدد حتى سنة 2004.
· في هذا العام، ومع اقتراب موعد زيارة الضريح، برزت حملات التحريض ضدها من جانب الإخوان المسلمين، وعقد مندوبو 15 حزباً وتنظيماً سياسياً مؤتمراً صحافياً الأسبوع الماضي في دمنهور من أجل تجنيد الرأي العام ضد الزيارة ...
· نود هنا أن نطرح السؤال التالي على "ثوار" ميدان التحرير: ماذا قصدوا عندما خرجوا للتظاهر مطالبين بالحرية والديمقراطية؟ وهل كان هدف الثورة تحرير المصريين من المسلمين السنة فقط؟...
يبدو أنه في ظل الإخوان المسلمين الذين فازوا بأغلبية المقاعد في البرلمان المصري، علينا ألاّ ننتظر بزوغ فجر جديد في مصر التي يبدو أنها انتقلت من الديكتاتورية إلى ديمقراطية متشددة تقوم على التطرف الديني والعداء للسامية.