· إن مستويات رد الجيش الإسرائيلي والشاباك على العمليات الإرهابية لحركة "حماس" وهو ما يطبع السياسة الحالية، قد تؤدي إلى الردع لفترة من الوقت لكن لا إلى القضاء على التهديد الإرهابي الذي يعطل حياتنا. ولم تعد عمليات التصفية الموضعية لناشط أو آخر كافية من أجل السماح بحياة آمنة في دولة تدافع عن سيادتها. وحدها سلسلة عمليات مبادأة فجائية ومؤلمة لا علاقة لها بالأعمال التي يرتكبها عملاء الإرهاب، ستجبر "حماس" على أن تفهم أن الخيارات التي لديها انتهت، وأن طاولة المفاوضات هي الخيار الوحيد الباقي لها.
· إن الهجوم العنيف على الذين يقومون بإرسال الانتحاريين والمهاجمين ولا يجرؤون على القيام بذلك بأنفسهم، وحده هو الذي سينجح في تحقيق الردع، وسيساهم في عودة الحياة الطبيعية إلى جانبي السياج الحدودي مع قطاع غزة.
· مع كل الاحترام الذي أكنه للمسؤولين، ففي تقديري أن في الإمكان التوصل إلى اتفاق بعيد المدى مع "حماس" في قطاع غزة في وقت أسرع من الوتيرة التي تجري فيها المحادثات بين تسيبي ليفني وأبو مازن. فحركة "حماس" الجهة الأساسية المسيطرة على القطاع، تعاني من ضغوط تهدد قدرتها على مواصلة سيطرتها على القطاع، والمصريون الذين كانوا حتى وقت قريب أوصياء عليها، أصبحوا ينظرون إليها بوصفها خصماً، ويتعاملون معها كأنها مصابة بالبرص.
· في هذه الأثناء يواصل رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن جولاته في أنحاء العالم متحدثاً عن خدعة السلام متجاهلاً تماماً "حماس". أما سورية التي استضافت "حماس" على أراضيها، فهي منشغلة اليوم بحربها وتدرك الخطر الداخلي الذي يمثله تنظيم إرهابي على أراضيها. حتى الرئيس التركي أردوغان الذي لم يترك سفينة لم يوجهها إلى غزة، لا يبدو متحمساً لمصادقة الإرهابيين المتعصبين.
· ولا يقتصر الأمر على هذا فقط، ففي الأعوام الأخيرة شهد القطاع ظهور تنظيمات عديدة تعارض علناً "الطريقة الرخوة " التي تخوض بها "حماس" حربها ضد الكيان الصهيوني، وبدأت هذه التنظيمات تشكل خطراً على زعامة الحركة عسكرياً ومدنياً.
· جميع هذه الأمور دفعت "حماس" إلى إعادة حساباتها، وتحديد سلم أولوياتها من أجل المحافظة على بقائها، وبصورة أساسية تحديد الثمن الذي عليها أن تدفعه من أجل استمرار سلطتها المدنية. وتجلى الحل الأمثل الذي وجدته من خلال "السماح" للعناصر المتطرفة داخل "حماس" وللتنظيمات الجهادية المختلفة بإطلاق النار. هذه الموافقة من جانب "حماس" التي تشمل أيضاً التهريب وزرع العبوات الناسفة إلى جانب السياج الحدودي وحفر الأنفاق، أتاحت لـ"حماس" الحصول على "هدوء مدني" داخل القطاع. وقد ساهمت هذه الموافقة بإقامة قواعد للإرهاب في سيناء تقوم مرة كل بضعة أشهر بعمليات ضد دولة إسرائيل، وبإبقاء مناطق كبيرة منها رهينة لديها.
· أقترح على الجميع أن يتعلموا كيف يواجه الملك عبد الله محاولات التنظيمات الإرهابية التمركز في الأردن، وأن يراقبوا الطريقة التي يتعامل بها الجنرال السيسي المصري مع "حماس" في قطاع غزة، وأن نراقب بدقة كيف سيتعامل مع الذين اطلقوا النار من سيناء على الأراضي الإسرائيلية [سقوط صاروخين على مدينة إيلات قبل يومين].
· يتعين علينا أن نعترف بالحقيقة المرة وهي أن الزعماء العرب يعرفون حجم الخطر المحتمل للارهاب العربي وكيفية التعامل معه بصورة أفضل بكثير من وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومن الرئيس باراك حسين أوباما.
· إن احتمال صمود الأسد في سورية وحاجته إلى الاعتماد على الروس، والحكومة اللبنانية المنتظر تأليفها في لبنان، والزعامة غير المتساهلة لكل من الملك عبد الله في الأردن والجنرال السيسي في مصر، واتفاق الدول العظمى مع إيران، كل ذلك من شأنه أن "يغلق" قنوات تزويد التنظيمات الإرهابية بالسلاح وأن يضيّق على وجود هذه التنظيمات على الأرض.
· لم يدرك أبو مازن بعد أن الخطر الذي يشكله الإرهاب على وجود السلطة الفلسطينية أكبر من خطر التنازل عن القدس وعن حق العودة. كما أن "حماس" لم تدرك بعد اننا بدأنا نضجر من شن عملية عسكرية كل سنة.
إذا كنا نريد منع مهاجمتنا داخل مدننا، فقد حان الوقت للمبادرة إلى الهجوم على الذين يريدون الشر لنا وإخضاعهم، وعدم انتظار سقوط صاروخ يوقع قتلى بيننا.