السلام مع سورية ممكن حالياً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       مثلما يحدث في أثناء التنقيب عن النفط والغاز، تبرز أحياناً في أعمال التنقيب في النزاع الإسرائيلي - العربي إشارت تثير الأمل، لكنها لم تعد منذ وقت تثير اهتمام الجمهور. فطوال أعوام من النزاع العربي - الإسرائيلي كنا نسمع "المسار الفلسطيني وصل إلى حائط مسدود"، دعونا ننتقل إلى سورية.

·       واليوم أيضاً، وبعد وصول المفاوضات مع الفلسطينيين إلى حائط مسدود، فإننا لا نستغرب العودة إلى طرح الخيار السوري، ولا سيما مع تزامن إشارات مثل زيارة دنيس روس لدمشق، وتعيين سفير أميركي جديد هناك، ونشر الصحف العربية والإسرائيلية أخباراً عن اتصالات سرية.

·       لكن باستثناء الحائط المسدود الذي وصل إليه المسار الفلسطيني، ما الذي تغير فعلاً على المسار السوري؟ لم يتغير موقف بشار الأسد منذ وصوله إلى السلطة، فهو ما زال يبدي استعداده للتفاوض، ولتوقيع اتفاق يحقق الانسحاب الإسرائيلي الكامل حتى ضفاف بحيرة طبرية، من دون تطبيع العلاقات (مثلما جرى في اتفاق السلام مع مصر). أما بالنسبة إلى سائر الموضوعات مثل نزع السلاح من هضبة الجولان، ومحطات الإنذار، وإنشاء منطقة صناعية في الجولان وغيرها، فهي أمور يمكن مناقشتها خلال المفاوضات.

·       ما الذي تغير في المحيط المجاور لنا؟ لم تعد تركيا حليفة لإسرائيل، وهي بالتالي لا تستطيع أن تؤدي دور الوسيط؛ ازداد نفوذ إيران في سورية (من خلال مجموعة من الاتفاقات العسكرية والاقتصادية)؛ كبر التدخل الإيراني في لبنان، وهذا التطور مثير بصورة خاصة للاهتمام، لأنه ربما يبعد سورية عن إيران، إذ قد تتخوف هذه الأولى من التحول إلى تابعة لإيران. ومن المهم أن نشير هنا أنه على الرغم من التحالف بين الدولتين، فإن المكان الطبيعي لسورية في النظام الاقليمي هو إلى جانب مصر والسعودية، وليس هناك ما يمنع هذه العودة عندما تتوافر الحوافز الملائمة.

·       في مواجهة هذا، لم تقم إسرائيل إلاّ بالقليل، فهي لم ترد بجدية على مقترحات الأسد، وتذرعت بتحالفه مع إيران، وبتأييده حزب الله، وبمواقفه غير القابلة للمساومة، مع أن المسار السوري ناضج للحل أكثر من المسار الفلسطيني. ففي الجولات التفاوضية السابقة جرى التوصل إلى حل أغلبية المشكلات، ولم يعد هناك أي مشكلة خلافية (بما في ذلك قضية بحيرة طبرية) توازي أهمية مشكلتي القدس أو اللاجئين.

·       إن الفوائد التي ينطوي عليها اتفاق السلام مع سورية كثيرة ومعروفة، وليس مستغرباً أن كثيرين في المؤسسة العسكرية يدعمون هذا الاتفاق، لكن هذه العملية تحتاج إلى زعامة قوية، ولم يجرؤ أي رئيس حكومة في إسرائيل على اتخاذ مثل هذا القرار.

·       استناداً إلى تجربة الماضي، من الممكن أن تكون الإشارات الحالية على المسار السوري فارغة، كما أن التركيبة الحالية للحكومة لا تسمح باستغلال الفرصة، لكن في إمكان قرار واحد شجاع أن يغير موازين القوى في المنطقة لمصلحة إسرائيل، ويوجه ضربة قاضية إلى القوى الإسلامية الراديكالية التي تتزعمها إيران.