من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· في الوقت الذي تمر المفاوضات مع الفلسطينيين بمرحلة من الجمود، والضغط الدولي على إسرائيل يزداد، وحزب العمل يهدد بالاستقالة من الحكومة، مَن ينقذنا في وقت الضيق؟ إنه كالعادة الصديق من دمشق. ففي كل مرة يكون رئيس الحكومة الإسرائيلية في محنة، تزداد الإشارات بشأن إحياء المسار السوري. لم يسفر هذا المسار عن تحقيق السلام حتى الآن، لكنه يوفر مادة تشغل الدبلوماسيين والصحافيين، ويمكّن إيهود باراك الذي تراجع في اللحظة الأخيرة عن إبرام صفقة مع السوريين قبل 11 عاماًَ، من تبرير بقائه في حكومة بنيامين نتنياهو.
· وقد أثار إعلان الزيارة التي قام بها نائب رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة مالكولم هوينلاين لدمشق، كثيراً من التكهنات؛ فهل الزيارة هي عودة إلى مسار الوساطة التي قام بها رون لاودر أحد كبار المقربين من رئيس الحكومة بين القدس ودمشق خلال الولاية الأولى لنتنياهو، أم أنها "مهمة إنسانية" كما قال هونلاين؟ وهل علينا أن نسرع في توديع الجولان، أم يمكننا الانتظار حتى الربيع؟
· إن الصفقة لا تقل أهمية عن محتوياتها. فهوينلاين ليس مدير عام حركة "السلام الآن"، أو "جي ستريت" [منظمة يهودية ـ أميركية منافسة لأيباك، تؤيد حل الدولتين]، وإنما هو رجل يميني ومن زعماء المؤسسة اليهودية في أميركا. فإذا كان بشار الأسد وجد وقتاً لاستقباله، فمعنى هذا أنه أراد أن ينقل بواسطته رسالة إلى الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، وإلى الإدارة الأميركية، وإلى إسرائيل. ومن الصعب أن نصدق أن هوينلاين ذهب إلى دمشق من دون الحصول على مباركة رئيس الحكومة في القدس.
· وخلال الأسبوع الذي استقبل فيه الأسد هوينلاين، فإنه أيضاً كان قد استضاف الإرهابي اللبناني سمير القنطار، قاتل عائلة هارون في نهاريا، والذي أُطلق من السجون الإسرائيلية قبل عامين. وقد أهدى القنطار الرئيسَ الأسد كتابه عن مذكراته في السجن، وأشاد الاثنان بالمقاومة، واعتبراها السبيل لإعادة الحقوق العربية. هذا هو بشار: إنه صديق للجميع.
· يُعتبر الأسد اليوم الدبلوماسي الأكثر نجاحاً في الشرق الأوسط. فقد أثمر صبره وحذره، وبات الجميع اليوم في الشرق والغرب، في أوروبا وتركيا، وفي إيران والصين، يطلبون ودّه. وبينما يبدو مصير العديد من الأنظمة في المنطقة غامضاً، ولا سيما قبل الانسحاب الأميركي من العراق، وقبل تبديل القيادة في مصر والسعودية، فإن الأسد يصوّر بلاده على أنها جزيرة من الاستقرار، ديكتاتورية علمانية يترأسها زعيم شاب. وقبيل صدور القرار الظني في اغتيال رفيق الحريري، نراه يوظف لمصلحته المخاوف من انهيار لبنان، وقد تلقى سلفاً ثمن تعهده بالحفاظ على الهدوء: زيارة رسمية لباريس، وسفير أميركي جديد في دمشق. وجاء افتتاح كازينو جديد في دمشق ليؤكد توجهات النظام الغربية والعلمانية.
· وقبل أسبوعين قالت زوجة الرئيس الأسد أسماء الأسد في مقابلة أجرتها معها مجلة "باري ماتش": "إن السلام هو الحل الوحيد، لكن ليس لدينا شريك للسلام". ويلخص كلامها الحملة التي تقوم بها دمشق الآن كي تثبت أن الطريق إلى واشنطن لا تمر بالضرورة بالقدس. فإسرائيل، في رأي الأسد، يحكمها نتنياهو الذي يرفض السلام، والذي يمكن تجاوزه. وقد نجحت المناورة حتى الآن: تخلصت سورية من عزلتها، وباتت إسرائيل محشورة في الزاوية.
· تؤيد المؤسسة العسكرية إحياء المسار السوري، وتعتبره السبيل الناجع للخروج من العزلة، وللتخفيف من أزمة إسرائيل الاستراتيجية. لكن نتنياهو يصر على أنه لن يتنازل مسبقاً عن الجولان، فهل سيعيد النظر في موقفه؟ وهل سيقامر مع الأسد من أجل الإبقاء على باراك في حكومته وإضعاف الفلسطينيين؟