تسليم غور الأردن للفلسطينيين سيضر أمن إسرائيل واستمرار الستاتيكو سيمنع الاتفاق معهم
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

·      تحتل المطالبة الإسرائيلية باستمرار السيطرة على الضفة الغربية لنهر الأردن وعلى المعابر بين إسرائيل والأردن في إطار اتفاق نهائي، مركزاً أساسياً في النقاش الدائر بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

·      وفي الواقع، ينطوي غور الأردن على أهمية عسكرية كبيرة في نظر إسرائيل في ضوء التجارب السيئة مع الفلسطينيين سواء في الماضي من خلال الهجمات أو تهريب الوسائيل القتالية من الأردن، أو من خلال التجارب الحالية معهم على الحدود مع غزة.

·      والأكيد أن إسرائيل تفضل على الصعيد العسكري مواصلة الاحتفاظ بغور الأردن، على التمركز على خط حدودي بديل يقع غربي الغور.
وإلى جانب مشكلة المستوطنات، فإن المشكلات الأمنية هي الأكثر أهمية، وهي التي يجب أن توجه إسرائيل في هذا النقاش. ففي ظل الوقائع التي نتجت عن الربيع العربي وأدت إلى تدفق المجاهدين من جميع أنحاء العالم إلى مراكز المواجهة التي تحيط بنا، تزداد أهمية السيطرة على الحدود مع الأردن. فالأردن القوي والمستقر ذو الحدود المغلقة، مهم جداً من أجل استمرار الهدوء على حدود إسرائيل الشرقية. لذا يتعين علينا ان نأخذ في الاعتبار الخطر المترتب على منح الفلسطينيين المسؤولية عن الحدود مع الأردن وعلى المعابر. فمثل هذه الخطوة ستؤدي إلى انكشاف الأردن الذي أغلبية سكانه من الفلسطينيين، وقد يعرضه ذلك إلى خطر انقلاب فلسطيني مستقبلاً.

·      إن دراسة الخطر العسكري على الجبهة الشرقية في ظل تفكك الجيوش المعادية وتزايد استخدام الصواريخ قد يؤدي إلى استنتاج مفاده أن "العمق" الاستراتيجي لم يعد مهماً، وأن في الإمكان التنازل عن الغور. لكن التحدي الذي يشكله الإرهابيون "السياح الجهاديون" الذين يتدفقون بالآلاف إلى مراكز المواجهات في منطقتنا، يشكل خطراً كبيراً ويضع هذا الاستنتاج في موضع الشك.

·      إن جميع الأنظمة الملكية في خطر، بما فيها النظام في الأردن. وفي ظل هذا الوضع ليس من الحكمة اتخاذ أي خطوة من شأنها إضعاف الأردن، وإغراقه بمقاتلي القاعدة، أو جبهة النصرة أو "حماس".

·      لقد نجح الأردن حتى الآن في التصدي لهذه الظاهرة وأثبت أنه شريك موثوق به على حدودنا الشرقية. وهو لا يبدو متحمساً لاعطاء الغور للفلسطينيين حتى لو لم يتحدث عن ذلك صراحة. فقد واجه في السبيعينيات محاولة فلسطينية للسيطرة عليه بزعامة عرفات ("أيلول/سبتمبر الأسود")، كما تواجه المملكة اليوم مصاعب اقتصادية، وتعاني من تهديدات لاستقرار نظامها من الداخل والخارج، وحتى العشائر البدوية التي كانت تؤيد الملك ضعف نفوذها في الفترة الأخيرة.

·      إلى جانب ذلك، يغرق الأردن تحت وطأة تدفق النازحين (بينهم عدد كبير من الفلسطينيين) من سورية، فيما هو يقوم على حدوده الشرقية بوقف تقدم الحركات الإسلامية الراديكالية من العراق إلى أراضيه. فإذا جرى اعطاء الفلسطينيين الغور، فإن هذا سيلحق ضرراً بالأمن الداخلي للمملكة، إذ من المتوقع أن يتحول الغور إلى منطقة مخترقة أمنياً، ومن الواضح الضرر الكبير الذي سيلحق بإسرائيل في حال حدوث مثل هذا السيناريو.

·      وتشير جميع الدلائل إلى أن إسرائيل والأردن حريصتان على عدم مقايضة أمنهما الحالي على الحدود بترتيبات أمنية مشكوك بها مثل تلك التي يقترحها وزير الخارجية الأميركي. لذا، فإن نقاش موضوع الحدود مع الأردن يتطلب حسم المسألة التالية: هل من الأفضل مواصلة السيطرة على مجرى نهر الأردن وعلى المعابر وتحمل الأضرار المتوقعة جرّاء فشل الاتصالات السلمية مع الفلسطينيين؟ أم من الأفضل التوصل إلى تسوية سياسية هي أشبه "بإعلان للإرهاب معروف مسبقاً" وسيؤدي في النهاية إلى تحرك الفلسطينيين ضد الدولتين؟

·      حتى لو تحول الأردن إلى "فلسطين"، يتعين على إسرائيل ألا تسمح بالسيطرة الفلسطينية على مجرى نهر الأردن وعلى المعابر بسبب الخطر الذي يشكله الأردن الفلسطيني المسلح على إسرائيل.

·      وبينما تطالب إسرائيل بمواصلة سيطرتها على مجرى نهر الأردن وعلى غور الأردن، يرفض الفلسطينيون ذلك، ويصرون على مطالبتهم بالسيادة والسيطرة على هذه المنطقة. في ظل هذا الاختلاف في المواقف هناك من يقول عندنا بأن علينا الاستجابة لمطلب الفلسطينيين بذريعة زوال خطر الجبهة الشرقية وتحالف الجيوش التقليدية، وأن احتمال هذا الخطر بات ضئيلاً للغاية.

·      في رأي أصحاب هذه النظرة أن إسرائيل تملك قدرة ردع كافية تجعل الانتشار العسكري في الغور أمراً هامشياً لا لزوم له. وهذه وجهة نظر خطرة لأنها تستند إلى أن الأردن بصورته الحالية دولة غير معرضة للخطر، كما لا تأخذ في حسابها الضرر الذي سيلحق بالأردن نتيجة تسليم المعابر إلى الفلسطينيين، وتوقف الأردن عن تقديم الخدمات المنتظرة منه، أو احتمال وقوع انقلاب خطير فيه لا يكون من مصلحتنا.

·      في الخلاصة، فإن سيطرة الفلسطينيين على مجرى نهر الأردن وعلى المعابر سيلحق الضرر بالأمن المشترك لإسرائيل مع الأردن. ويتعين علينا ألا ننسى احتمال أن يشهد الأردن أو الدول العربية المحيطة به الإسلامية والعربية (إيران، العراق، سورية، ولبنان) تغييرات كبيرة ضدنا قد تشكل تهديداً خطيراً لأمن إسرائيل في الشرق، مما يجعل السيطرة الإسرائيلية على غور الأردن أمراً ضرورياً.