معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
· إن الجهد المبذول من قبل العديد من دول العالم لدعم صادراتها عن طريق خفض قيمة عملاتها مقابل العملات الأخرى، يؤدي إلى زيادة الطلب على سلع تلك الدول ويمنحها ميزة تنافسية في الاقتصاد العالمي. وهذه الظاهرة هي "حرب العُملات". تشارك إسرائيل في هذه الحرب ولكن كفّتها ليست راجحة، ويؤدي استمرار تعزز موقع الشيكل أمام العملات الأخرى إلى خسارة إسرائيل حرب العملات، ويهدد النمو الاقتصادي في إسرائيل، ويلحق أضراراً بسوق العمالة.· سُجّل في العامين الأخيرين تحسن ملحوظ في سعر صرف الشيكل الإسرائيلي مقابل الدولار الأميركي، فانخفض سعر صرف الدولار من 3,82 شيكل للدولار إلى نحو 3,47 شيكل، أي بنسبة 9%. وتراجع سعر صرف اليورو أمام الشيكل بنسبة 4%، وهبط سعر صرف الين الياباني بنسبة 33%. ويخلّف تحسن قيمة الشيكل أمام الدولار أثراً بالغاً في هامش أرباح العديد من الصناعات والشركات الإسرائيلية. وأكبر الخاسرين من ارتفاع قيمة الشيكل هي الصناعات التصديرية التي تقبض ثمن صادراتها بالعملات الأجنبية في حين أنها تدفع نفقاتها بالشيكل. والمقصود بذلك الصناعات الإلكترونية والصيدلانية والكيميائية والمعدنية والغذائية وغيرها. وأصبحت السياحة في إسرائيل مكلفة. وتشكل صادرات السلع والخدمات نحو 38% من الناتج المحلي الإجمالي. وعليه، فإن تراجع الصادرات يفرمل النمو الاقتصادي. وتظهر بيانات العام 2013 الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء أن صادرات السلع والخدمات باستثناء الألماس والشركات الناشئة، انخفضت بنسبة 1,1%، مقارنةً بارتفاع نسبته 4,1% في العام 2012. · وتضرر الإنتاج الإسرائيلي المعد للسوق المحلية من جراء ارتفاع قيمة الشيكل، لأن هذا الارتفاع يصعّب منافسة السلع المستوردة، بالإضافة إلى صعوبة منافسة اليد العاملة الرخيصة في بلدان عديدة. كما أن القيمة الحقيقية للاستثمارات عرضة للأذى لأن المستثمرين يحصلون في الواقع على مقدار أقل من الأصول الحقيقية مقابل الكمية نفسها من المبالغ المستثمرة، مما ينذر بخطر حدوث انخفاض كبير في قيمة الشيكل مستقبلاً. وهذا الأمر يزيد من مخاطر الاستثمار.· وفي مقدمة الرابحين من ارتفاع قيمة الشيكل، هناك المستوردون والتجار الذين يستفيدون من زيادة الطلب على السلع المستوردة، بالإضافة إلى المستهلكين الذين يستفيدون من خفض أسعار السلع. والرابحون الإضافيون هم المستثمرون الماليون الأجانب الذين يستفيدون من فوارق معدلات الفائدة.وفي حين تنبع قوة الشيكل جزئياً من متانة الاقتصاد الإسرائيلي، تسهم بعض مصادر العملات الصعبة بشكل خاص في تقويته. فعلى سبيل المثال، يسهم قطاع الطاقة في إسرائيل في زيادة عائدات العملات الأجنبية بفضل اكتشافات الغاز الطبيعي، مما يوفر في استيراد الطاقة وفي القروض التي تأخذها شركة كهرباء إسرائيل بالعملة الأجنبية في الخارج (في العام 2013، جرى إصدار سندات بمعدل فائدة مرتفع بقيمة 1,1 بليون دولار). وعلى الصعيد الأمني العسكري، تسمح المساعدة العسكرية الأميركية بقيمة 3 بلايين دولار بخفض كلفة استيراد الأسلحة، وتبلغ عائدات صادرات الأسلحة الإسرائيلية نحو 7 بلايين دولار (أرقام العام 2012). وفي قطاع الشركات فائقة التكنولوجيا، بلغت قيمة خروج الشركات الناشئة [بيع شركات محلية ناشئة ذات تاريخ تشغيلي قصير إلى شركات أجنبية عملاقة]، نحو 7,6 بلايين دولار في العام 2013 (بحسب معطيات الشركة المالية الاستشارية PwC Israel). وتُرصد في السوق المالية تحويلات رأسمالية بسبب فوارق معدلات الفائدة.· ولا شك في أن مساهمة جميع هذه المصادر في الاقتصاد مرحّب بها، لكن تأثيرها الجانبي أي تقوية الشيكل على نحو يتجاوز نطاق السوق الإسرائيلي، يهدد استمرار بعض الصناعات المحلية ولا سيما الصناعات كثيفة العمالة.إن ظاهرة العملة القوية هي إحدى أسباب الأزمات الاقتصادية التي تصيب دولا عديدة في العالم كدول أوروبا الجنوبية الأعضاء في منطقة اليورو. فالعملة الملائمة لاقتصاد ألمانيا القوي تلحق أضراراً بالقدرة التنافسية لدول مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال. وبلغت نسبة البطالة في إسبانيا 27% في العام 2013، مقارنة بنسبة 7% في ألمانيا. فمن المفيد بوضوح بالتالي إضعاف العملة المحلية. وقد جرى إضعاف العملة المحلية في كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان عن طريق خفض معدلات الفائدة وإقدام البنوك المركزية على شراء الأصول المالية بعيدة المدى ("السياسة النقدية التوسعية" أو ما يعرف باسم "التسهيل الكمي")، وذلك بهدف تحريك النشاط الاقتصادي. وتشارك في حرب العملات دول كالصين وكوريا الجنوبية والهند والبرازيل وتشيكيا وغيرها من الدول.· حتى الآن، كافحت إسرائيل ارتفاع قيمة الشيكل من خلال تدخل البنك المركزي الإسرائيلي وقيامه بشراء العملات الأجنبية من سوق القطع وتخفيض معدلات الفائدة، ومن خلال صفقات التحوّط [التي تنفذها مديرية الدين العام التابعة لوزارة المالية] لحماية محفظة الدين العام من تقلبات سعر صرف الدولار مقابل الشيكل. لكن يبدو أن هذه الإجراءات كانت خجولة وجاءت متأخرة.· وهناك دوافع وراء التمهل في الرد الإسرائيلي في الماضي، أولها الخوف من أثر خفض معدلات الفائدة على ارتفاع أسعار الشقق السكنية، مع أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار السكن هو النقص في المشاريع الإسكانية الجديدة. وهناك دافع آخر متمثل في كلفة الاحتفاظ باحتياطي كبير من العملات الصعبة في البنك المركزي (أكثر من 80 بليون دولار في آخر العام 2013). ويعود هذا الاحتياطي على البنك المركزي بفائدة ضئيلة، في حين أنه في سبيل امتصاص طباعة المزيد من الشيكلات (لزوم شراء العملات الصعبة من سوق القطع)، فعليه أن يشتري سندات دين محلية بمعدلات فائدة أعلى.