· لا تزال الفرضية السائدة لدى أوساط كثيرة في إسرائيل هي أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يسعى إلى دفع عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين قدماً، سيفشل في تحقيق المهمة كما فشل عدد من أسلافه.· ومع ذلك، فإنني أعتقد أن ثمة احتمالاً كبيراً لنجاحه. ومن الجائز أن يكون جميع الذين يتوقعون أن يفشل لا يعرفون كل الحقائق المرتبطة بالمهمة التي يقوم بها. وفي هذا السياق يطيب لي أن أتساءل: هل كان أحد ما من ملايين الإسرائيليين وعشرات ملايين المصريين يعرف نية الرئيس المصري السابق أنور السادات زيارة إسرائيل سنة 1977؟ وباستثناء تسريب واحد للمحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" شمعون شيفر، مَن كان يعرف عندنا شيئاً عن اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عندما كان يُحاك في الغرف المغلقة سنة 1993؟· إن الزعماء السياسيين يحبون المفاجأة. والسؤال المطروح الآن هو: هل يعد كيري مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مفاجأة لنا؟· سأعرض عليكم عدة مؤشرات تعتبر برأيي مشجعة وترجح أن الزعماء الثلاثة يعدون لنا مفاجأة: أولاً، إن موقف نتنياهو إزاء المستوطنات مغاير تماماً لموقف سلفيه يتسحاق شامير ومناحيم بيغن. كم مرة قام نتنياهو بزيارة المستوطنات منذ تولى منصب رئيس الحكومة؟ هل رآه أحد يرقص مع كتاب توراة في كنيس في المناطق [المحتلة]؟ صحيح أن المستوطنات في عهده اتسعت كثيراً وبنيت منازل جديدة، لكن من المثير أن نقارن ذلك بأعمال البناء في المستوطنات في ظل حكومات حزب العمل. وهل يذكر أحد ما مستوطنة واحدة قامت في المناطق [المحتلة] في عهد نتنياهو؟.· ثانياً، لقد تجوّل كيري هنا كثيراً. وبرأيي، فإن وزير الخارجية الأميركي لا يستثمر كل هذا القدر من وقته وجهده من أجل لا شيء.· ثالثاً، يرى نتنياهو أن التلفزيون بيته الأول، ولذا فهو لا يوفر مناسبة كي يظهر فيه، غير أنه في الأيام الأخيرة قلل ظهوره وخفض نبرته الحماسية، وهو يحرص على أن يتملص من المناسبات التي يمكن طرح الأسئلة عليه في نهايتها.· رابعاً، يلفت زعماء المستوطنين في الأحاديث المغلقة إلى أن نتنياهو لا يتحدث في الآونة الأخيرة إلا عن ضرورة البناء في القدس ومحيطها ويكتفي ببعض الكلمات الجميلة عن أرض إسرائيل الكاملة.· خامساً، تشير الرسائل التي تخرج من ديوان رئيس الحكومة إلى أن هناك نشاطاً كبيراً مع وزير الخارجية الأميركي. ولا أعتقد أن هذا الديوان يمكن أن يزرع آمالاً كاذبة لدى وسيط مثل كيري، فالإدارة الأميركية يمكن أن تتحمل أي شيء، إلا الكذب عليها.
هل هناك مفاجأة يُعـدّها كيري ونتنياهو وعباس؟
تاريخ المقال
المصدر