· ليس مألوفاً أن تكون أول زيارة يقوم بها رئيس جمهورية جديدة إلى الخارج هي زيارة القدس تحديداً. إلاّ إن هذا ما فعله رئيس جمهورية جنوب السودان سيلفا كير عندما زار إسرائيل يرافقه وزير دفاعه، وربما هذا ما دفع رئيس الدولة شمعون بيرس إلى وصف هذه الزيارة بـ "اللحظة التاريخية المؤثرة."· لقد نشأ السودان الحديث في القرن التاسع عشر، في إثر سيطرة السلطنة العثمانية على المناطق الشمالية ومحاولتها احتلال المناطق الجنوبية. لكن البريطانيين هم الذين وضعوا حدود هذه الدولة سنة 1898، وسيطروا طوال خمسين عاماً على الجزء الشمالي المسلم من السودان وعلى الجزء الجنوبي المسيحي. وفي سنة 1948، وبعد الخضوع للضغط الذي مارسه شمال السودان، قام البريطانيون بتوحيد الكيانين تحت سيطرة شمال السودان، الأمر الذي حول المسلمين إلى أكثرية وقوة مسيطرة، وجعل اللغة العربية هي اللغة الرسمية في البلد.· بدءاً من سنة 1956 نشبت الحرب الأهلية في السودان بعد أن رفض أهالي الجنوب الخضوع لسيطرة الشمال، رافضين الهيمنة الإسلامية عليهم. يومها قام بن - غوريون على خلفية استراتيجيا التحالف بين دول الأطراف بتقديم الدعم المعنوي والدبلوماسي والعسكري إلى جنوب السودان حتى سنة 1972. وهذا ما قصده رئيس جمهورية جنوب السودان حين قال "من دون إسرائيل لما نجحنا في نضالنا من أجل الاستقلال.".......· ويبدو اليوم أن المساعدة التي قدمتها إسرائيل إلى جنوب السودان قد أثمرت على المدى البعيد. إذ ينضم جنوب السودان إلى الاستراتيجيا المستحدثة لتحالف دول الأطراف الذي يشمل قبرص والأكراد والبربر، وربما في يوم من الأيام إيران بعد زوال النظام الإسلامي. ويتيح جنوب السودان إمكان الوصول إلى الموارد الطبيعية (وخصوصاً النفط)، كما أن له دوراً وازناً في المفاوضات الدائرة بشأن مياه نهر النيل مع مصر. علاوة على هذا كله تشكل الجمهورية الجديدة نموذجاً يحتذى به لمقاومة شعب غير مسلم الهيمنة الإسلامية.ما زال أمام جنوب السودان طريق طويلة ليقطعها قبل تأسيس الدولة، وعلى زعماء هذا البلد ألاّ يستخدموا موارده الطبيعية من دون قيود، وعلى إسرائيل والغرب أيضاً أن يقدموا المساعدة إليه على صعيد الزراعة والصحة والتعليم والدفاع، لأن في استطاعة جمورية جنوب السودان أن تتحول إلى قوة إقليمية ، وأن تكون حليفاً وفياً ليس لإسرائيل وحدها بل أيضاً للغرب.
تجديد تحالف دول الأطراف بين إسرائيل والسودان
تاريخ المقال
المصدر