ديمقراطية عسكرية
تاريخ المقال
المصدر
- الديمقراطية الفتية التي قامت في مصر بعد إطاحة حسني مبارك ارتدت أمس رداء جديداً. فإلى جانب "ديمقراطية الجماهير في الساحات" التي شكلت الميزة الأساسية التي طبعت العامين الأخيرين، تحولت مصر منذ الأمس إلى ديمقراطية عسكرية، أي ديمقراطية تعيش في ظل الجيش وتأتمر بأوامره.
- ويجب أن نعترف بأن الذي حرك جنرالات الجيش المصري ليس الشهوة إلى السلطة، ولكن الأحداث هي التي جرتهم إليها، ولم يكونوا هم من بادروا إلى ذلك. ومن الصعب الافتراض أن قادة الجيش المصري يريدون فعلاً إدارة شؤون المصريين والتحول إلى سلطة حاكمة في البلاد. ويدرك الجنرال السيسي ومساعدوه أن كل من سيأتي محل مرسي سيتحول خلال أشهر قليلة إلى موضع كراهية الشعب المصري.
- قبل بضعة أشهر، وفي أعقاب تنحية مرسي للمشير طنطاوي وتعيين السيسي محله، بدا أن الجيش و"الإخوان المسلمون" قادران على التعايش معاً. وأمل الجيش أن يستطيع المحافظة على موقعه ومصالحه، وكان مستعداً لقاء ذلك لترك إدارة المسائل الأخرى في الدولة لمرسي.
- لكن الواقع في مصر معقد ومركب، وظلت المشكلات الاقتصادية من دون حل.
- وهنا تجدر الاشارة إلى أن الرأي العام في مصر لا يدرك فعلاً معنى الديمقراطية فهو يعتقد أنها تعني تغيير الحكم كل بضعة أشهر من خلال التظاهرات الكبيرة.
- وكان مرسي اعتبر انتخابه بمثابة إعطائه الضوء الأخضر من أجل أسلمة مؤسسات الدولة. وعندما ننظر إلى الوراء يمكننا القول إنه في سياق الصراع التاريخي بين الجيش و"الإخوان المسلمون"، وهما القوتان الأكثر تنظيماً على الساحة المصرية، سمح الجيش المصري لمرسي بأن يتصدر الموقع الأول ويفشل، وبذلك تصبح الساحة مفتوحة أمام تدخل عسكري.
- الجيش في مصر اليوم هو الطرف الوحيد المسؤول. لكن الجيش يدرك أن المارد الذي أخرجته الثورة لا يمكن إعادته إلى القمقم بسهولة. صحيح أن الجيش سيدير شؤون مصر، لكن السيد الحقيقي هو الجماهير في الشارع التي تستطيع انتخاب رئيس جديد كما تستطيع إذا أرادت اسقاطه. وعلى السيسي ألا ينسى ذلك قبل أن تتحول ضده هذه الجماهير التي تطالب الجيش اليوم بالتدخل وإنقاذ مصر.