الجهد الذي بُذل للحفاظ على الجيش خارج الأزمة الدستورية الحادة – فشل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • الخبر الذي نُشر في صحيفة "هآرتس" أمس الأحد، والذي يشير إلى ما أعلنه طيارون في جيش الاحتياط التابع لسلاح الجو، أنهم لن يلتزموا التدريب المنوي إجراؤه يوم الأربعاء، يُعتبر نقطة تحوُّل دراماتيكية في نضال جنود الاحتياط ضد الانقلاب القضائي. ويمكن أن يشكل إعلان الطيارين من سرب 69 في سلاح الجو بداية الانهيار الذي تتخوف منه الحكومة المنهمكة في مسار تشريعي سريع من دون كوابح.
  • قيادة الجيش وسلاح الجو لديهما أسباب كافية للقلق. التخوف هنا مضاعف - إما بسبب الضرر الذي يمكن أن يلحق بالجهوزية العملياتية للسلاح؛ وإما الأسوأ، بسبب مصير التكاتف الاجتماعي في الجيش. لفترة طويلة، كان هناك محاولة للحفاظ على الجيش خارج الأزمة السياسية والدستورية الصعبة، نسبياً. الآن، يمكن القول، بثقة إلى حد ما، إن هذه الجهود فشلت.
  • أخذت غيوم العاصفة في سلاح الجو تتكون تدريجياً منذ بدأت تتضح خطة الحكومة في كانون الثاني/يناير. في الأسابيع الأخيرة، أعلن عدد من كبار الطاقم الجوي أنهم سيوقفون تطوّعهم في سلاح الطيران إذا دخل التشريع حيز التنفيذ، بالإضافة إلى مبادرات مشابهة شارك فيها كثيرون. الآن، ازدادت حدة الاحتجاج في أحد أسراب سلاح الجو.
  • بحسب الخبر الذي تم إرساله أولاً إلى مكاتب سلاح الجو، فإن 37 طياراً من أصل 40 طياراً في جيش الاحتياط، أعلنوا أنهم لن يلتحقوا بالتدريب الذي سيتم إجراؤه في سلاح الجو يوم الأربعاء، بحجة أنهم يريدون في هذا اليوم، تحديداً، البحث في تداعيات الأزمة في الدولة. عملياً، بعضهم فقط دُعيَ إلى هذا اليوم، لكن الرسالة وصلت. وحتى لو لم يكن هناك ضرر فوري على مستوى الجاهزية، فإن الشعور بها سيكون في المدى الأبعد.
  • السرب 69 هو السرب المقاتل الذي يستند إلى مقاتلات "راعام" F-15i، وهي جزء من العمود الفقري العملياتي للسلاح منذ أعوام طويلة - منذ وصول طائرات "راعام" الأولى إلى إسرائيل في سنة 1998. في سنة 2007، شارك السرب في قصف المفاعل النووي في سورية. قائد السرب الذي قاده خلال حرب لبنان الثانية، واستمر في إعداده للعملية - هو الجنرال تومر بار الذي أصبح اليوم قائد سلاح الجو. بالنسبة إلى بار الذي يبذل جهوداً لاحتواء جنوده واحتضانهم خلال الأزمة الأصعب التي يشهدها السلاح، باستثناء الحروب، هناك أيضاً بُعد شخصي وخاص في رسالة الطيارين.
  • الضابط "ج" كان قائد قاعدة مركزية في سلاح الجو حتى خروجه من الخدمة النظامية مؤخراً. فخلال الأسابيع الأخيرة، هو يبذل جهوداً في تركيز نشاطات جنود الاحتياط في سلاح الجو في أعقاب الانقلاب القضائي. وفي حديث لـ"هآرتس"، رفض تعريف ذلك بـ"رفض الخدمة"، أو "احتجاج". هو نفسه لم يقرر بعد ما إذا كان سيستمر في الطيران في السرب المقاتل الذي يخدم فيه، بحسب كلامه. واعترف بأنه "في حالة تخبّط شديدة جداً." وبحسبه، فإن الخطوات التي يشارك فيها تهدف إلى إظهار حجم العاصفة أمام القيادة العليا لسلاح الجو. وقال إنه لم يشهد شيئاً كهذا خلال 30 عاماً في الخدمة: "رأينا كل المشاكل والأزمات، لكن الأمور اليوم مختلفة."
  • وبحسب "ج"، "على الرغم من كل الجهود لحفظ التكاتف داخل السلاح، فإن الجنود في النهاية يخدمون بتوجيهات الضمير. نحن على علاقة بالكثيرين من الطيارين والمساعدين. كان هناك العشرات ممن طالبوا باتخاذ الخطوة التي اتخذها الجنود في السرب 69 خلال الشهرين الأخيرين، وطلبنا منهم الانتظار أسبوعاً، أو أسبوعين. لم ننجح في ذلك مع الجميع. وفي كل يوم يمرّ على استمرار العاصفة، سيكون من الصعب السيطرة على الناس. يوجد الكثيرون من الطيارين الذين يشعرون بأن هناك مَن ضرب الاتفاق الأساسي مع الدولة، لأن هذه الخطوات اتّخذتها الحكومة من طرف واحد، ومن دون اتفاق واسع."
  • وأضاف "ج" أن أكثر ما يُقلقه في هذه المرحلة هو التعاضد داخل السلاح أكثر من التأثير في القدرات العسكرية. وقال "السؤال: ما هو تأثير ذلك في العلاقات ما بين الأشخاص وبين أنفسهم. قائد سلاح الجو أيضاً قلِق من هذا." وأضاف "بمَ يفكر الميكانيكي الذي تختلف أفكاره عن أفكار الطيار الذي أعلن أنه لن يتواجد؟ توجد إسقاطات هنا على أمان الطيران، لأن طواقم الطيران غاضبة. أنا أعلم بأن هناك طيارين في جيش الاحتياط طلبوا تأجيل الطيران، لأنهم غير متأكدين من أنهم سيقومون بالتركيز المطلوب للعمل بصورة مهنية وآمنة، وهم يعيشون مشاعر عاصفة."
  • التطورات الأخيرة وضعت القيادة السياسية والأمنية في ورطة إلى حد ما. فالجنرال بار ورئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي ما زالا يحاولان احتواء الاحتجاجات وعدم الاصطدام بالنشطاء فيها من جيش الاحتياط - وذلك تخوفاً من أن تؤدي المواجهة المباشرة والعلنية إلى ضرر أكبر وتستقطب أناساً آخرين. المستوى السياسي في حالة صمت تقريباً. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نشر في حسابه على "تويتر" صورة له شاباً، وكتب "عندما يستدعوننا إلى الاحتياط، دائماً نستجيب."
  • هناك مَن يشكك في الدقة التاريخية لِما نشره نتنياهو، لكن هذه ليست النقطة المركزية. الانقلاب القضائي الذي أوصل الدولة إلى أزمة غير مسبوقة، يؤدي منذ الآن إلى إسقاطات حادة داخل الجيش. السياسيون يكتفون بالشعارات. وفي حال تمسّك نتنياهو برأيه، فبالإضافة إلى كافة المشاكل الأُخرى، من الممكن أن يؤدي ذلك إلى ضرر كبير على أمن الدولة، سيحتاج إلى أعوام طويلة لترميمه.
  • يجب الاعتراف بأن أعداء إسرائيل في المنطقة ينظرون إلى هذه التطورات باهتمام شديد. وفي وتيرة الانهيار هذه، لن تكون مفاجأة كبيرة إذا ما قرر أحدهم فحص مدى الضرر الذي لحِق بجاهزية وقدرة الدولة أمام أزمة أمنية جديدة خلال الأشهر المقبلة.

ملاحظتان

  • فضيحة سموتريتش. نجح وزير المال بتسلئيل سموتريتش في توريط نفسه مع الإدارة الأميركية، بعد أن دعم، علناً، محو قرية حوارة في الضفة الغربية - كردّ على العملية التي قُتل فيها الأخوان هيلل ويغيل ينيف في القرية خلال الأسبوع الماضي. صحيح أن سموتريتش نشر منذ ذلك الوقت بعض أنصاف الإنكارات، وادّعى أنه تم إخراج أقواله من سياقها (وكأنه كان يمكن فهمها بصورة مختلفة)؛ لكن واشنطن لم تأخذ الأمر بجدية. القضية ليست زيارته المقررة إلى واشنطن، إنما تعامُل إدارة بايدن معه في الأعوام المقبلة - وربما أيضاً مع الحكومة برمتها.
  • الأميركيون قلقون من إمكانية أن تقوم إسرائيل بتصعيد الجبهة مع إيران من دون تنسيق، ويعملون على التشديد الآن على الصيغ التحذيرية بشأن كل تصريح متطرف صادر عن أعضاء الائتلاف فيما يخص الضفة. إحدى مشاكل نتنياهو هي أنه لا يسيطر عليهم فعلاً الآن.
  • تأمين حماية سارة. على الرغم من الأزمة الدستورية والتهديدات الأمنية، فإن موضوعاً واحداً لا يزال رئيس الحكومة لا يفقد فيه التركيز قط - مصلحة العائلة. منذ بداية الدورة الشتائية في الكنيست، تم تمرير عدة قرارات ترفع من قيمة مصاريف عائلة نتنياهو. الآن، يتم بذل جهود تشريعية تسمح بقبول تبرعات في حالات تبدو، بوضوح، أنها تضارُب مصالح.
  • مساء أمس، صادقت اللجنة الوزارية لشؤون "الشاباك" على اقتراح نقل حماية زوجة رئيس الحكومة وأولاده إلى مسؤولية الجهاز. وهو أمر رفضه جميع رؤساء "الشاباك" لأجيال. حادثة صالون الحلاقة الأسبوع الماضي ساعدت على تسريع المسار، بعد أن نجح رئيس الحكومة ومؤيدوه في تصوير الموضوع - من دون أي إثبات - بأنه محاولة قتل لزوجته. من الممكن أن تكون عائلة نتنياهو تعرضت لحادثة مخجلة، لكن كعادتها، سارعت في النهوض ومحاولة استغلال الحدث للحصول على امتيازات.

 

 

المزيد ضمن العدد