اليسار يبحث بائساً عن زعيم له مثل "بيبي"
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • في مطلع شباط/فبراير، نشر المعهد الإسرائيلي للديمقراطية معطيات بشأن المشاركين في الاحتجاجات ضد الإصلاحات القضائية: 46% يعرّفون أنفسهم بأنهم "يسار"؛ 18% "وسط". 26% منهم فوق جيل الـ65. 20% أشكيناز، 10% شرقيون، 11% من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، و15% من أصول مختلطة. وفي الملخص: المتظاهرون هم أشكيناز، علمانيون، يساريون، وليسوا شباباً كما كانوا سابقاً. هذا الجيل من قدامى المحاربين الآباء والأجداد. المتحدثون باسم المتظاهرين أيضاً هم أشخاص في سن متقدمة، شغلوا مناصب بارزة ومهمة في الدولة والمجتمع. ليس فقط أفضل أبنائنا، بل أفضل آبائنا.
  • على الصعيد العائلي، مهمة كل الأهل هي الحفاظ على سلامة الأطفال الجسدية، وأيضاً سلامتهم النفسية. الأهل هم المظلة التي تحمي الأولاد من شتاء العالم، وهم ذاتهم الذين ينتظرونهم ليكبروا، فيحدثونهم عما جرى فعلاً في المحرقة. الأهل هم مَن يعلمون ما ينتظر الأبناء في العالم، وكيف يمكنهم حماية أنفسهم منه، وهم مَن يدخلون إليهم في غرفهم عندما ينهضون من كابوس، ويتعاملون مع الوحش النائم تحت أسرّتهم. المؤكد، أن الأهل لا يصنعون الوحش بأنفسهم بهدف إخافة الأبناء أكثر.
  • عندما يكبر الأبناء ويتعرفون إلى العالم الحقيقي، عندما يخافون من أزمة معينة - أمنية، اقتصادية، أو توتُّر سياسي، في إثر إصلاحات دستورية - يمكن أن نتوقع أن يكون دور الأهل النظر إليهم بعيون الخبرة والهدوء، ويقولون: "نعم، هذا ليس جيداً، ولكن يوم الغفران كان أصعب بكثير."
  • في تاريخ كل دولة، هناك فترات جيدة أقل، لكن لا لليأس أيها الشباب الحبيب، ستكبرون... وظيفة الأهل الكبار ليست بثّ آمال كاذبة، أو قمع المخاوف، إنما وضع كل شيء في حجمه. وبالأساس - عليهم أن يكونوا أكثر هدوءاً من جيل الأبناء، الذين لم يجمعوا ما يكفي بعد من المعرفة الشخصية للتاريخ. لكن وفي كل ما يخص الإصلاحات الدستورية - فإن أغلبية المتظاهرين والمتحدثين أناس في جيل التقاعد، عايشوا تحديات كبيرة، وهم أنفسهم الذين أخذوا دور الولد الخائف..
  • أجداد يتوقعون الأسوأ ويطالبون بـ"عصيان مدني"، يأخذون معهم أطفالاً، بالنسبة إليهم، كلمات، مثل "ديمقراطية" و"ديكتاتورية"، هي عموماً كلمات طويلة، ويعرضون أمامهم مسرحية الأب والأم الخائفين، اللذين يصرخان في الشوارع، وبعضهم يتحدث عن الهجرة، حتى أن بعضهم يوصي بعدم الخدمة في الجيش، بالإضافة إلى أن هناك جزءاً يبدو أنه يشجع أولاده الناضجين على ترك البلد. يقفون أمام كاميرات مشجعة، ويحاولون بكل طاقتهم نشر العدوى في الجمهور كله. ولكن كيف يمكنهم تهدئة الأولاد، من دون وجود أب خبير وهادئ يستمعون إليه؟
  • الرئيس هرتسوغ يساري، يعرف المعسكر جيداً، وحاول أن يلعب دور الأهل، عبّر عن مخاوف المعسكر الذي يتظاهر، لكن الأهل - الأولاد رفضوا اقتراحاته واستمروا فيما يقومون به. خطأ هرتسوغ كان باعترافه بأن هناك مكاناً لإجراء تغييرات في النظام القضائي، ولا استعداد لدى المتظاهرين لسماع حقيقة أن الوحش تحت السرير لا يخيف، لذلك، يمكن أن نقرر سوياً كيف نتعامل معه.
  • آخر آباء معسكر اليسار كان يتسحاق رابين، الذي قُتل على يد معسكر اليمين برمته، بحسب السردية الكابوسية الجماعية اليسارية، بهدف تنصيب نتنياهو، منافسه السياسي. منذ ذلك الوقت، لم ينجح اليسار في تنصيب قائد. شمعون بيرس خسر الانتخابات، وكتعويض، تم تعيينه كالسياسي الأكبر لليسار في منصب رئيس الدولة. أما أريئيل شارون فاستوردوه من اليمين، وبعده نفتالي بينت. إيهود باراك نجح في الانتخابات، لكنه لم ينجح في البقاء في الحكم لفترة. وفي إحدى الدورات الانتخابية، انسحب من حزب "العمل" للانضمام إلى حكومة نتنياهو. اليوم، هو أحد العازفين في معزوفة الخوف والغضب، ويتصرف مثل النكتة التي تروى عنه أنه فشِل في الانضمام إلى سلاح الجو، فذهب إلى السلاح المضاد للطائرات. وعلى الرغم من خبرته وجيله، فإنه لا يتصرف كراشد ومسؤول، إنما كمراهق. ومعه إيهود أولمرت وموشيه يعالون، وهما ضابطان كبيران سابقاً، ومسؤولان - يقفان في الشوارع ويصرخان بأعلى صوتهما. أي ولد سيشعر بالأمان إذا كان أهله على هذه الشاكلة؟
  • لا يوجد لدى اليسار أي قائد للالتفاف حوله. يائير لبيد ليس لديه شخصية ذات وزن، فلو كان كذلك - لحوّل الاحتجاجات إلى خطوة سياسية، أو وجّهها على أقل تقدير. وبدلاً من ذلك، يكرر الشعارات المكتوبة على اليافطات. لذلك، ليست مفاجأة كبيرة أن يشعر كبار السن في المعسكر باليأس، يتركون وظيفتهم بين الأجيال، ويحاولون التخلص من شخصية الأب السياسية، القادم من معسكر اليمين. ولكن هذا ليس بجديد.
  • يمكن القول إن الكثيرين من اليمين الإسرائيلي، والحمد لله - اليمين مستقر جداً إزاء كل ما يخص قياداته. لديهم عيوب – كثيرة - ولكن في كل لحظة، يعرف اليمين مَن يمثله في الكنيست ويعمل باسمه، ومَن يحاسب، ولمن لا يجب التصويت في الانتخابات المقبلة، من زئيف جابوتنسكي، مروراً بمناحِم بيغن، ويتسحاق شمير، وشارون، ونتنياهو- قائمة قصيرة وواضحة.
  • أما في اليسار؟ القيادات في الكنيست تتغير بين انتخابات وأُخرى، قوائم تظهر وتختفي، ولا فكرة لديهم عن قائد التظاهرات، من هو المخول إجراء المفاوضات بشأن تفاصيل الإصلاحات، ومَن المخوّل تقديم تنازلات، وعلامَ بالضبط، باستثناء وقف المسار التشريعي كشرط للمفاوضات.
  • حقيقة أنه لا توجد قيادة رسمية للتظاهرات تساعد على تصويرها أنها شعبية من أسفل القاعدة، ولكن من الصعب جداً معرفة مركّبات هذه السفينة، وإلى أي شاطئ تريد أن تصل. التظاهرات مكلفة كثيراً، لكن المتبرعين يرفضون الخروج علناً للحديث عن كمية الأموال التي تبرعوا بها، وبالأساس - باستثناء مطلب وقف المسار التشريعي كشرط للمفاوضات، لا يضعون على الطاولة أي خطة بديلة. وحتى لو تحملوا المسؤولية، مالياً وتنظيمياً، فهذا يجري من وراء الكواليس، ولا يقفون على رأس المعسكر. من غير المؤكد أن يقبلهم المعسكر حتى لو قاموا بذلك، فهو يركض من تظاهرة إلى أُخرى، يوقّع عرائض ويقارن ما بين إسرائيل وهنغاريا. على الرغم من جيلهم وخبرتهم، فإنهم لا يزالون أطفالاً، الأب يمنح الأموال، لكنه لا يمد يده ليساعدهم على عبور الشارع الذي أغلقوه.