هذه ليست حكومة فاعلة إنها فوضى
المصدر
معهد السياسات والاستراتيجيا – جامعة ريخمان، المنظّم لمؤتمر هرتسليا السنوي

من معاهد الدراسات الاستراتيجية المعروفة، ولا سيما المؤتمر السنوي الذي يعقده ويشارك فيه عدد من الساسة والباحثين المرموقين من إسرائيل والعالم. يُصدر المعهد عدداً من الأوراق والدراسات، بالإضافة إلى المداخلات في مؤتمر هرتسليا، التي تتضمن توصيات وخلاصات. ويمكن الاطّلاع على منشورات المعهد على موقعه الإلكتروني باللغتين العبرية والإنكليزية.

المؤلف
  • الهجوم الصاخب من الوزيرين سموتريتش وبن غفير على مؤتمر العقبة ونتائجه سجّل رقماً قياسياً جديداً من إلحاق الضرر بالأمن القومي لدولة إسرائيل. يمكننا أن نفهم هذين الوزيرين اللذين يسعيان لضم كامل وسريع للضفة الغربية إلى دولة إسرائيل، بما يتلاءم مع رؤيتهما، ومن دون إجراء تقدير منهجي للوضع مع كل تداعياته. لكن في المقابل، من الصعب أن نفهم كيف سمح رئيس الحكومة بإرسال وفد رفيع المستوى مع شخصيات رفيعة المستوى إلى نقاش مصيري مع الولايات المتحدة والأردن والسلطة الفلسطينية لمنع وقوع كارثة وشيكة في الأسابيع القادمة.
  • الأحداث الخطِرة التي وقعت في حوّارة بعد الهجوم الدموي، تؤكد ما كان مفروغاً منه: الأرجل الأربعة للمؤسسة الأمنية، ومن بينها الإدارة المدنية ومنسق الأنشطة في المناطق، يجب أن تكون خاضعة لقيادة واحدة هي الجيش، وأن تكون تابعة لقائد المنطقة الوسطى ورئيس الأركان. كما يجب أن تكون خاضعة لاعتبارات أمنية تتيح لها مواجهة كل أنواع العنف ومنع التدهور الأمني في مختلف الساحات.
  • ما المقصود بذلك؟ قوة إسرائيل الاستراتيجية تعتمد على دعامتين: القوة العسكرية للجيش الإسرائيلي، والشاباك والاستخبارات العسكرية وشرطة إسرائيل وغيرها. بالإضافة إلى الدعامة الثانية، التبصّر السياسي - الاستراتيجي. الجمع بينهما يخلق قوة استراتيجية، والفصل بينهما يخلق ضعفاً استراتيجياً. ونحن نسير برؤوس مرفوعة نحو الاصطدام بحائط ضعف مصدره الحماقة.
  • تُعتبر الولايات المتحدة ركيزة أساسية في الأمن القومي الإسرائيلي. والتعاون العسكري والاستراتيجي والاستخباراتي والاقتصادي والدبلوماسي معها هو رصيد هائل لدولة إسرائيل. والسبب الأساسي للعلاقة بين الولايات المتحدة، القوة العظمى، وبين إسرائيل الصغيرة هو قبل كل شيء منظومة القيم المشتركة التي تربط إسرائيل بأساس النظام الديمقراطي في الدولتين. ولا شك في أن الصورة التي رأيناها في الأمس في حوّارة لا تساعد العلاقة الخاصة بين الدولتين.
  • علاوةً على ذلك، خطوات الانقلاب القضائي ستؤدي إلى إلحاق الضرر بعلاقات إسرائيل بالولايات المتحدة، وستُضعف إسرائيل. يكفي أن نفهم أن رئيس الحكومة نتنياهو لم يُدع إلى زيارة البيت الأبيض. ولهذه الزيارة أهمية استثنائية، لأنها من المفترض أن تعالج التنسيق الأمني في مواجهة التهديدات المركزية الآخذة في التعاظم، وعلى رأسها التهديد الإيراني...
  • في مواجهة هذه التهديدات، نحن نعمّق الخطوط التي تفصلنا عن الولايات المتحدة. الإدارة الأميركية تسمح لإسرائيل بالانضمام إلى "سنتكوم" - القيادة المركزية الأميركية، التي تجمع بداخلها كل قادة الجيوش العربية ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي. وهذا رصيد كنا نحلم به منذ أعوام كثيرة، وهو رصيد أمني كبير. المملكة الهاشمية في الأردن تشكل عمقاً استراتيجياً لإسرائيل، ومن خلال التعاون معها، منعنا هجمات مرعبة وتجنّبنا شرور الإرهاب وضرراً كبيراً. كما تشكل العلاقات العميقة مع الدول العربية ميزة استراتيجية. كل هذا يمكن أن يتضرر إذا واصلت إسرائيل السعي غير المفهوم للمسّ بنظامها الديمقراطي وإضعاف العلاقات مع الولايات المتحدة، وإهانة الدول العربية.
  • لا يمكن أن يخطر في البال، ومن غير المعقول أن نصدق، أنه بعد أن أرسل رئيس الحكومة وفداً رفيع المستوى إلى نقاشات مهمة، الغرض منها إعادة الاستقرار إلى الوضع الصعب في الضفة الغربية... أن يبصق وزراء في وجوه حلفائهم في الحكومة التي ينتمون إليها. لا يوجد مثيل لذلك في العالم كله. ويمكن أن نشعر بأن أعداءنا يتساءلون في هذه المرحلة، كما يبرز في خطبهم وتصريحاتهم، ما إذا كانت إسرائيل قد دخلت مرحلة ضيق الأفق التي سيكون لها تأثير كبير.
  • وبدلاً من أن تخصص الحكومة وقتها لتعزيز قوتها العسكرية وقوتها الاستراتيجية التي يمكن أن تضعف، نراها مشغولة في شجارات وخطوات لا يمكن أن تخطر في البال، مثل البصق على مؤتمر استراتيجي مهم [مؤتمر العقبة].
  • وفي هذا الصدد، يجب أن نضيف إلى ما قيل أعلاه إصرار الوزيرين سموتريتش وبن غفير على تدمير وجودنا في الضفة الغربية، الذي يعتمد على القوة العسكرية والاستخباراتية لإسرائيل من جهة، ومن جهة ثانية، على الإدارة المدنية التي تقيم شبكة علاقات كثيفة ومعقدة مع السكان الفلسطينيين، ومع السلطة الفلسطينية. وبعكس الدعاية، هي تساعدنا على فرض السيطرة الإسرائيلية، ومع غياب السلطة الفلسطينية، قد ننجرّ إلى احتلال عسكري مباشر يكلف مليارات الشيكلات، ومعناه إدارة مباشرة لحياة الفلسطينيين بصورة لن يقبلها العالم الحر، وستسبب لنا الكثير من المشكلات السياسية والاستراتيجية والقانونية والداخلية. ويمكن أن نتوقع أنه ما دامت هذه الخطوات تتقدم ويستمر استخفاف أعضاء في الحكومة بكل ما له علاقة بالأرصدة الاستراتيجية لإسرائيل، فإن هذا سيعمّق الاحتكاك والاشتباك مع الفلسطينيين، ويثمر هجمات "إرهابية" مصدرها تنامي مشاعر العداء.
  • من هنا، ندعو رئيس الحكومة نتنياهو إلى وقف التدهور العميق وخطوات الانقلاب القضائي التي تؤذي العلاقات مع الولايات المتحدة قبل أي شيء آخر، وعليه أن يمنع المسّ بالأرصدة الاستراتيجية والسياسية، مثل الحلف مع الولايات المتحدة ومع الدول العربية. هذا الحلف يمنح إسرائيل مزايا هائلة توازي في أهميتها الامتناع من الاستخدام غير الضروري للقوة. إنها الساعة الأخيرة للدعوة العاجلة إلى منع التدهور!