تجاهل ما جرى في حوّارة يذكّرنا بما نسيناه، الجيش في صبرا وشاتيلا أيضاً تجاهل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • أول أمس الأحد، خلال ساعات بعد الظهر، أخذ رضوان الضميدي زوجته وابنه الرضيع ونقلهما من بيته في حوّارة إلى بيت عائلة زوجته في نابلس. ضميدي هو صاحب دكان لبيع الذهب في نابلس، ويسكن في منزل كبير في حوّارة. علِم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مباشرة بعد العملية، بأن المستوطنين يخططون لعملية انتقام كبيرة في قريته، لذلك، سارع إلى نقل زوجته وابنه إلى مكان آمن.
  • زميلتي أيضاً، هاجر شيزاف، عرفت مسبقاً أن المستوطنين يخططون لمسيرة انتقام. هذا علمته بعد الظهر، خلال وجودها في باريس. من حوّارة إلى باريس - مَن أراد أن يعلم، علِم بأن عملية انتقام واسعة كانت ستجري في حوّارة. جهة واحدة فقط لم تعلم، لم ترَ ولم تسمع، أو أنها سمعت وعرفت وتجاهلت: أجهزة الأمن. الجيش و"الشاباك" و"حرس الحدود" لم يتجهزوا لمنع الهجوم، ولم يقوموا بأي شيء لمنعه. يمكن أن يكون هذا بسبب اللامبالاة والتجاهل، ويمكن أن يكون قصداً. 400 مستوطن على الأقل، بحسب الجيش، جزء منهم مسلح وآخر بعصي وسلاسل حديدية ووقود، اقتحموا حوّارة، ولم يوقفهم أحد. لم يحاول أحد أصلاً.
  • مصادر من "حرس الحدود" قالت إن أفراد الوحدة بصورة خاصة منعوا دخول المهاجمين إلى حوّارة، وأنهم اقتحموا البلدة من الجهة التي يسيطر عليها الجيش. أما المراسلون العسكريون، فقالوا إن الجنود حاولوا منع الاقتحام على محاور الطرق، ولذلك نزلوا من الجبال. من جميع الجهات، اقتحم مئات المستوطنين البلدة، بهدف نشر الفوضى والهدم، ولم يوقفهم أحد، ولم يتحمل أحد مسؤوليتهم.
  • مرة أُخرى اتضح أنه لا يوجد أحد يمكن للفلسطينيين الاعتماد عليه، ولا يوجد أي جهة تدافع عن حياتهم وأملاكهم. أول أمس أيضاً، كان هناك شك في أن غض نظر الجيش لم يكن صدفة: يمكن أن يكون هناك مَن أراد في داخل الجيش أن يقوم المستوطنون بالعمل بدلاً منهم، ويعاقبون الفلسطينيين ويحققون الردع من خلال الهجوم، كما وصفه تسفيكا فوغل.
  • هذا التجاهل لا يمكن إلاّ أن يذكّرنا بما حاولنا نسيانه. خلال مجزرة صبرا وشاتيلا، أغمض الجيش أيضاً عينيه وسمح بارتكاب المجزرة. في حوّارة، لم يكن هناك مجزرة، حتى الآن على الأقل، ولكن لا أحد يستطيع أن يضمن عدم حدوثها. لو أراد المهاجمون ارتكاب مذبحة ضد السكان، لن يقف أحد بوجههم.
  • في صبرا، كما في حوّارة، لم يوقف أحد المجرمين. أول أمس، اكتفوا بزرع الخراب والهدم. انتظروا النشاط الانتقامي القادم، وخاصة إن لم تتم محاكمة أيّ منهم ومعاقبته على ما قام به. صبرا وشاتيلا 2 على الطريق، ولا يوجد مَن يوقفها.
  • حوّارة كانت بالأمس كبلدة أشباح، بلدة في حرب وحصار؛ خارسون [المدينة الأوكرانية المدمرة] في حوّارة. الصحافيون في ملابس الحرب، جميع الحوانيت مغلقة، الطرق مقفرة، والسكان يغلقون البيوت على أنفسهم، بعضهم ينظر بحذر من خلف القضبان - المركّبة هنا على كل شباك بسبب الهجمات السابقة. وجوه بعض السكان الذين شاهدناهم في الشوارع كانت ممتلئة بالغضب واليأس.
  • لم يُسمح إلاّ للمستوطنين بالتنقل في شوارع البلدة - صورة أبارتهايد واضحة - وأغلبيتهم قامت بذلك من أجل الاستفزاز ببرودة أعصاب. وهتفوا "الموت للعرب"، بالإضافة إلى بقية الشتائم. كان هناك مَن توقّف، خرج من السيارة بحماية الجيش، وبدأ باستفزاز المواطنين عن قرب، وهم على عتبات منازلهم، وإلى جانب مركباتهم المشتعلة، كانوا كمن ينفجرون من الغضب، ولم يتجرأوا على قول كلمة. يد حنونة وضعها الجندي على كتف أحد الزعران كانت كافية لوصف الحالة أفضل من ألف كلمة.
  • أول أمس مساءً، عندما عاد رضوان من نابلس، حيث ترك زوجته وابنه للبقاء ليلة، ذُهل عندما شاهد عشرات المستوطنين المسلحين في باحة منزله يعيثون خراباً. كسروا الشبابيك وحرقوا بيت الاستقبال التابع للعائلة، والذي لم ينتهوا من تجهيزه إلاّ قبل أشهر معدودة فقط. سرقوا التلفاز الجديد، وحرقوا دراجة تمارين منزلية. أربعة جنود وقفوا حول المنزل ولم يحركوا ساكناً.