بوادر موجة رفض للخدمة وسط الطيارين الاحتياطيين تثير قلق قيادة الأركان العامة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • في طليعة قائمة الموضوعات التي تثير مخاوف رئاسة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، تبرز قضية ليست ناجمة مباشرةً عن الوضع في الساحة الفلسطينية الساخنة، أو عن تطوُّر التهديد النووي الإيراني. إذ تتركز المخاوف الرئيسية في نقطة أُخرى - بوادر أولى لنشوب أزمة في منظومة الاحتياطيين، بالأساس في سلاح الجو، على خلفية الاحتجاج ضد الانقلاب القضائي الذي يقوده ائتلاف نتنياهو. ويبرز وسط عناصر الطواقم الجوية في الاحتياط اهتمام كبير باحتمال رفض الخدمة، أو "الرفض الرمادي" – أي التهرب من مهمات، أو عدم تنفيذ جزء منها - احتجاجاً على التطورات السياسية الأخيرة.
  • لا نذيع سراً إذا ذكرنا أن أغلبية القوة العسكرية لدولة إسرائيل تتركز في سلاح الجو، إلى جانب قدرات الأجهزة الاستخباراتية. وسلاح الجو أكثر من أي ذراع أُخرى، يعتمد في الوقت العادي وفي زمن الحرب على عدد كبير من عناصر الاحتياط، وخصوصاً في الطواقم الجوية. وأي ضرر يلحق باستعداد الطيارين والملاحين الاحتياطيين للالتحاق بالخدمة يؤثر دائماً في درجة الجهوزية المهنية لهذا السلاح، ويمكن أن يؤثر سلباً في قوة الجيش الإسرائيلي. ويبدو أن هذا ما دفع في الأمس رئيس الأركان هرتسي هليفي إلى اتخاذ قرار بالتطرق للمرة الأولى علناً إلى هذه المسألة. وتتخوف قيادة الأركان العليا من أن تتسرب ظاهرة مشابهة إلى منظومات مركزية، مثل شعبة الاستخبارات.
  • على الرغم من الجهود العادية لليمين لتقليص الخدمة، فإن الدعوات إلى رفض الخدمة في منظومة الاحتياطيين لم تتراجع. في منتصف الأسبوع، جرى الحديث في هذه الصحيفة عن تراجُع أعداد الجنود المستدعين في كتائب الاحتياطيين، جزء منهم بسبب الشكوى من كثافة عبء العمل في الخدمة، والبعض الآخر بسبب الاحتجاج السياسي. في الأمس، نشرت القناة 13 أن عميداً في الاحتياط في سلاح الجو طلب إعفاءه من مهمته كأحد قادة غرفة التحكم في سلاح الجو في "الكرياه" [مقر هيئة الأركان العامة]، بحجة أنه لا يستطيع الاستمرار في ظل التغييرات القضائية. والضابط هو طيار حربي قام بخدمته النظامية كاملة، وكان مسؤولاً خلالها عن قاعدتين كبيرتين لسلاح الجو، ومعروف عنه أنه شخص مستقل ورصين، لكن هذا ينطبق على أغلبية العناصر في سلاح الجو. ويبدو أن هذا هو السبب، إذ إن عدداً من المسؤولين الكبار في الاحتياط أعلموا قادتهم، بشكل خفي، بأنهم سيتخذون خطوة مماثلة.
  • إلى جانب ذلك، يقول طيارون وملاحون في الاحتياط إن الرفض الرمادي وصل إلى العناصر الأقل رتبة. وهناك ظاهرة لا يمكن تجاهُلها لعناصر في الاحتياط يطالبون بتأجيل استدعائهم إلى أيام تدريبية على الطيران. وفي كل سرب من السلاح، هناك مجموعة واتساب تربط بين عناصر الاحتياط، وتشكل جزءاً مهماً من الطواقم الجوية. الأجواء وسط هذه المجموعات عاصفة، والدعوات إلى رفض الخدمة تنتقل كالنار في الهشيم. حتى الآن، الاستجابة إلى هذه الدعوات لا تزال ضئيلة، لكن كثرة النقاشات والخطاب بين المجموعات تتضمن كلاماً قاسياً ومثيراً للقلق.
  • هناك حجة تتردد وسط الطيارين في الاحتياط، وهي تعرُّضهم للملاحقة بتهمة ارتكاب جرائم حرب من طرف أوساط قضائية مختلفة في الخارج. يدرك الطيارون والملاحون جيداً الحجة التي طرحها هذا الأسبوع كبار المستشارين القانونيين في المؤسسة الأمنية في لجنة التشريعات في الكنيست: إذا ضعُفت المنظومة القضائية في إسرائيل، فستضعف أيضاً حجة وجود جهاز تحقيق وقضاء فعّال في إسرائيل، وبالتالي لا حاجة إلى تدخُّل خارجي. وفي مثل هذه الحالة، الطيارون سيكونون أول المستهدفين في محكمة لاهاي. عضو الكنيست يوآف سغولوفيتس (من حزب يوجد مستقبل) هو الذي بادر إلى إجراء هذا النقاش المغلق. ويبدو أن الحكومة لم تفكر أبداً في التداعيات المحتملة، عندما سارعت إلى الأمام مع الانقلاب. ولا غرابة في ذلك، فالحكومة لم تُجرِ نقاشاً في التداعيات الاقتصادية الكارثية للانقلاب على الاقتصاد، والتي تتجلى أمام أعيننا يوماً بعد يوم.
  • في الأمس، تطرّق رئيس الأركان، للمرة الأولى، إلى الخلاف الذي يقسّم المجتمع الإسرائيلي ويتسلل إلى جيش الاحتياطيين. ومما قاله ليفي في حفل تخريج دورة للضباط في سلاح البر: "من الممكن لجنود في الاحتياط أن يكونوا مع هذا الطرف أو ذاك من الخلاف، لكن يجب عدم إقحام الجيش في ذلك. يجب أن يأتوا إلى الخدمة في الاحتياط، وأن يتركوا الخلافات خارجاً والقيام بمهمتهم جنباً إلى جنب. وعندما لا يكونون في الخدمة، لديهم كل الحقوق التي يتمتع بها المواطنون في دولة ديمقراطية. هذا الفصل هو السبيل الوحيد إلى قيام سلاح احتياطيين نحن بحاجة ماسة إليه."

 

 

المزيد ضمن العدد