سبب صمت السياسيين العرب عن الإصلاحات
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • الجمهور العربي ليس حاضراً في التظاهرات ضد الإصلاح القضائي، وحركة الاحتجاج والحديث العام كله يهودي. هذا بعكس الاحتجاج على غلاء المعيشة الذي جرى في صيف 2011، والذي كان الجمهور العربي جزءاً فاعلاً فيه. اليوم، المقصود قصة مختلفة تماماً، لكن يبدو أن الزعماء السياسيين العرب في فمهم ماء. وينطبق هذا على زعيميْ "حداش - تاعل" أيمن عودة وأحمد الطيبي، وعلى زعيم "راعام" منصور عباس.
  • وهذا الأمر يبعث على الدهشة: ظاهرياً، كان من المتوقع من السياسة العربية الانضمام إلى اليسار اليهودي. قبل كل شيء، بسبب المصلحة المشتركة في إسقاط حكومة "اليمين بالكامل" التي يترأسها بنيامين نتنياهو، والصهيونية الدينية وقوة يهودية والأحزاب الحريدية. يضاف إلى ذلك حقيقة أن الإصلاحات تهدف إلى تقليص صلاحيات المحاكم التي مهمتها الدفاع عن الأقليات. في العقود الأخيرة، وخصوصاً في التسعينيات، استخدمت الجمعيات العربية المحكمة العليا كمنصة للدفع قدماً بقضايا لها علاقة بوضع الأقلية العربية، وطلبت منها المساعدة في عدد من الموضوعات التي تتعلق بالتمييز في حقوق المواطنين العرب، ومن خلال الاستفادة من تشريعات قوانين أساس تتعلق باحترام الإنسان وحرية العمل العائدة إلى سنة 1992.
  • لكن الواقع هذه المرة يجري بصورة مختلفة عن الصور الكلاسيكية التي تسود الخطاب الإسرائيلي العام، ويمكن تفسير ذلك مباشرة بالتغييرات الفعلية التي مرّت بها السياسة العربية في الأعوام الأخيرة، وخصوصاً بعد اعتمادها استراتيجيا جديدة تقوم على نموذج "السلام الاقتصادي"، الذي يستند في أساسه إلى فكرة تركيز الأجندة على الاندماج الاقتصادي في مقابل الاستعداد للابتعاد عن أعمال لها صلة بوجهات نظر أيديولوجية أو وطنية.
  • انطلاقاً من هنا، نشأت إمكانية تعاوُن نفعي مع السياسة اليهودية، من دون تمييز بين يسار أو يمين. وعملياً، نشأ هذا التعاون في نهاية سنة 2015، بشأن خطة مساعدة مالية كبيرة للمجتمع العربي، وأيضاً بصورة صامتة وغير علنية. طوال سنة 2019، أوصت القائمة المشتركة ببني غانتس كرئيس للحكومة. لكن بعد مرور بضعة أعوام، ظهرت هذه الاستراتيجيا من خلال منصور عباس الذي حوّلها إلى أيديولوجيا علنية، وهو ما مهّد الطريق أمام "راعام" لانضمام تاريخي إلى ائتلاف بينت -لبيد.
  • في الانتخابات الأخيرة، تلقّت هذه الاستراتيجيا البراغماتية ضربة قاسية، وابتعدت السياسة العربية عن مراكز اتخاذ القرارات في الدولة. ووجدت "راعام" نفسها مجدداً في المعارضة، من دون قدرة على التأثير في استمرار عمليات تمويل ميزانيات المجتمع العربي التي توسعت كثيراً خلال ولاية الحكومة السابقة. لكن إذا أردنا الحكم على سِمات سلوك راعام وحداش - تاعل بشأن الاحتجاج ضد الإصلاحات، فلا نرى تراجعاً عن الاستراتيجيا العربية البراغماتية التي شهدناها في الأعوام الأخيرة، والتي لا تزال مستمرة اليوم، وهي التي تحدد السياسة العربية، على الرغم من القيود الكثيرة المفروضة على قدرتها على ترجمة هذه السياسة عملياً إلى ميزانيات.
  • كل هذا يجعل من الصعب على الحزبين العربيين اتخاذ أي موقف من الصراع الدائر داخل السياسة اليهودية بين اليسار واليمين، الذي لا يخدم بأي صورة من الصور الاستراتيجيا النفعية للجمهور العربي، التي تعتمد على الوقوف في "الوسط"، وتترك كل الخيارات مفتوحة للتعاون مع أي نوع من الحكومات المحتملة.
  • من وجهة النظر هذه، فإن سكوت السياسة العربية عن الإصلاحات القضائية هو اختبار حقيقي لرغبتها في الاستمرار في التمسك بالاستراتيجيا البراغماتية – النفعية التي انتهجتها في الأعوام الأخيرة، والتي تتوجه نحو التعاون مع السياسة اليهودية. هذه الأخبار جيدة من وجهة نظر الأمن الوطني، وخصوصاً في فترة تبدو متوترة أمنياً، على خلفية الكلام الصادر عن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بشأن القيام بـ"عملية سور واقٍ 2" في المدن المختلطة في البلد.

 

 

المزيد ضمن العدد