بعد احتقان متصاعد؛ تخوّف في إسرائيل من مواجهة لا مثيل لها منذ سنوات
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • منذ عامين تقريباً، وتحديداً منذ نهاية حملة "حارس الأسوار" في قطاع غزة، والجو العام في الضفة الغربية وشرقي القدس في حالة احتقان متصاعد تدريجياً. ومنذ آذار/مارس من العام الماضي، برز ارتفاع واضح في عدد العمليات، أعلن الجيش بعدها القيام بحملة "كاسر الأمواج"، التي في إطارها وسّع عملياته في شمال الضفة. وعلى الرغم من هذا، فإنه يتم التعامل من جانب المؤسسة الأمنية مع العمليتين الأخيرتين في القدس خلال نهاية الأسبوع، اللتين أدتا إلى مقتل 7 مواطنين وإصابة 5، على أنهما يمكن أن تشكّلا نقطة تحوُّل. استمرار هذا التصعيد في الأسابيع المقبلة، ونحن مقبلين على شهر رمضان الذي سيبدأ في نهاية آذار/مارس، يمكن أن يضع إسرائيل والفلسطينيين على أبواب مواجهة عسكرية لم نشهد مثيلاً لها في الأعوام الماضية.
  • قيادات هيئة الأركان وجدت نفسها يوم أمس، كسابقاتها في فترة الانتفاضة الأولى، تنظر بتوتر إلى توقعات الطقس. ففي حال امتد الشتاء بطريقة ما إلى نهاية الأسبوع فهو سيردع الشباب الفلسطيني عن الخروج إلى المواجهات، وإن مرّت صلاة يوم الجمعة في المسجد الأقصى بهدوء، يمكن بعدها البدء بالحديث عن تهدئة النفوس. ولكن إذا سُجلت أحداث عنف إضافية، فإن التوترات يمكن أن تستمر وحتى أن تأخذ صبغة دينية عاصفة كلما اقترب شهر رمضان. في إسرائيل يصفون تحريض "حماس" وتشجيعها في وسائل الإعلام الخاصة بها، وبالأساس في وسائل التواصل الاجتماعي، بأن الهدف منه زعزعة حُكم السلطة في الضفة وتشجيع على المواجهة العنيفة.
  • وأكثر من كل شيء آخر، فإن الأمور تتعلق بميزان الدم: عدد أكبر من القتلى في صفوف الإسرائيليين، وعدد كبير من القتلى بين الفلسطينيين، سيشجع على المزيد من العنف. كل نجاح في قتل إسرائيليين يولّد بصورة واضحة ومباشرة ظاهرتين - محاولات تقليد فلسطينية، ومحاولات انتقام إسرائيلية. فبعد العملية في حي "النبي يعقوب"، سُجلت فوراً عدة محاولات إضافية. وخلال هذا الأسبوع، هاجم مستوطنون متطرفون عدداً من الفلسطينيين وحرقوا سيارات يملكها فلسطينيون في عدة بلدات في شمال الضفة. الارتفاع في وتيرة اعتداءات المستوطنين بالمناسبة بدأ في مطلع كانون الثاني/يناير، قبل العمليات الأخيرة. وأيضاً خرج "شبيبة التلال" والمستوطنون لحرق سيارات فلسطينيين، وتنفيذ اعتداءات خلال الأحداث التي جرت في بؤرة "أور حاييم" التي تم إخلاؤها، وكان بناؤها من أجل إحياء ذكرى وفاة الحاخام حاييم دروكمان.
  • بحسب عناصر الاستخبارات الإسرائيليين، هناك نقطة احتكاك إضافية يمكنها أن تؤدي إلى انفجار في الميدان، غير القدس - إلحاق الضرر بظروف الأسرى "الأمنيين" المسجونين في إسرائيل. يبدو أن عضو الكابينيت، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، مصمم على المحاولة. هذا الأسبوع قام بعدة مبادرات فارغة حول السجون. وكما يعلم كل مَن تعامل مع الموضوع سابقاً، فإن التصريحات العلنية بشأن التضييق على الأسرى "الأمنيين" هي بمثابة لعب بالنار.
  • في روحية الكفاح المسلح، هناك مكانة خاصة للأسرى. لا يوجد تقريباً عائلة في الضفة ليس لديها، أو على الأقل كان لديها سابقاً، أسير لسنوات طويلة في السجون الإسرائيلية. وليس اعتباطاً، تحفّظ "الشاباك" و"مصلحة السجون" دائماً عن المبادرات الشعبوية التي هدفت إلى التضييق على حياة الأسرى "الأمنيين". يبدو أن الوزير الجديد، الذي لا يعرف بعد معنى وظيفته والمسؤولية الملقاة عليه، كان يملك الوقاحة أيضاً لمهاجمة سياسات الحكومة في الردّ على غزة، ويعلن مسبقاً أنه سيطالب بجلسة طارئة في "الكابينيت" لزيادة حدة الرد.
  • يوم الأربعاء بعد الظهر، ساهم التوتر في السجون أيضاً في إطلاق قذائف من قطاع غزة على سديروت، للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع. وعندما هاجم سلاح الجو أهدافاً لـ"حماس" في القطاع، خلال ساعات الليل المتأخرة، أطلق الفلسطينيون ما لا يقلّ عن 12 قذيفة وصاروخاً مضاداً للطائرات، لم تؤدّ إلى أي أضرار.
  • يتضح كل يوم أن غزة أقل استقراراً وتتأثر بما يحدث في مناطق أُخرى في الساحة الفلسطينية، أكثر مما اعتقدوا في إسرائيل، أو أرادوا الاعتقاد. يبدو أن "حماس" لا تزال حذرة، خوفاً من خسارة الأرباح الاقتصادية التي جمعتها في العام ونصف العام الماضي، لكن سيكون من الصعب عليها الاستمرار في كبح غزة لمدة طويلة إن خرج الوضع في السجون عن السيطرة - ويبدو أن خطوات بن غفير تذهب في هذا الاتجاه. على مدار سنوات، كتبت هنا أن إسرائيل بصورة عامة لا تبادر إلى التصعيد في قطاع غزة، إنما تنجر إليه بعد وقوع أحداث. في حالة بن غفير وشريكه سموتريتش، لست متأكداً. أيديولوجياً، يبدو أنهما ينظران إلى التصعيد في جميع الساحات الفلسطينية على أنه فرصة.