وضع رئيس الحكومة الإسرائيلية المقبل بنيامين نتنياهو اللمسات الأخيرة على ائتلافه المُكوّن من أحزاب يمينية ومتدينة مساء أمس (الأربعاء)، إذ تم تحديد الخطوط [المبادئ] التوجيهية للحكومة التي تشدّد على "حق الشعب اليهودي الحصري وغير القابل للتصرف في جميع أنحاء أرض إسرائيل"، وتشمل تعهدات بتعزيز الاستيطان في "الجليل والنقب والجولان ويهودا والسامرة [الضفة الغربية]".
وقبل مراسم أداء الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمين القانونية في الكنيست المقررة مساء اليوم (الخميس)، وقّع حزب الليكود، بزعامة نتنياهو، اتفاقيات ائتلافية مع حزبيْ اليهود الحريديم [المتشددون دينياً] شاس ويهدوت هتوراه، وكذلك مع أحزاب اليمين المتطرف "الصهيونية الدينية" و"عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"] و"نوعام".
وينص بعض الاتفاقيات الائتلافية على تشريع من شأنه أن يسمح لمقدّمي الخدمات برفض تقديم خدمات على أساس معتقداتهم الدينية، وهي مبادرة تشريعية يرى منتقدوها أنها تضفي الشرعية على التمييز، ولا سيما ضد "مجتمع الميم" وقطاعات مستهدفة أُخرى. ووعد نتنياهو هذا الأسبوع بمنع التمييز، ولكن البند ظل في الاتفاقيات، كما تعهد عدم المساس بحقوق "مجتمع الميم"، وحماية ديمقراطية إسرائيل.
وفي الاتفاق الائتلافي المنفصل مع حزب "الصهيونية الدينية"، التزم حزب الليكود، من حيث المبدأ، بفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق يهودا والسامرة، مع مراعاة اعتبارات رئيس الحكومة فيما يتعلق بـ"التوقيت وتقييم المصالح الوطنية والدولية لدولة إسرائيل". وفي هذا الاتفاق تعهد نتنياهو أيضاً بشرعنة البؤر الاستيطانية التي تعتبرها الحكومة الإسرائيلية حالياً غير قانونية.
كما جرى التعهد في الاتفاقيات الائتلافية بالحفاظ على قضايا الوضع الراهن التي تتعلق بالدين والدولة، بما في ذلك ما يتعلق بالأماكن المقدسة، وأشير فيها إلى أنه لن يُسمَح بالصلاة اليهودية في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف].
كما ورد فيها أن الحكومة "ستتخذ خطوات لضمان الحوكمة واستعادة التوازن المناسب بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والجهاز القضائي"، وفي سبيل ذلك، ستقوم الحكومة بسنّ "فقرة التغلّب" التي من شأنها أن تسمح للكنيست بإعادة تشريع قوانين ألغتها المحكمة الإسرائيلية العليا، باعتبارها تتعارض مع قوانين أساس إسرائيل شبه الدستورية.
ولا تشمل الخطوط العريضة للائتلاف التزاماً تجاه الحفاظ على إسرائيل كدولة ديمقراطية، إذ يرِد فيها أن الحكومة "ستحافظ على الطابع اليهودي للدولة، وعلى تراث إسرائيل، وستحترم ممارسات وتقاليد أفراد جميع الأديان في البلاد، وفقاً لقيم وثيقة الاستقلال".
وينص بعض الاتفاقيات على إعداد تشريع لتعديل "قانون العودة" الإسرائيلي الذي يحكم سياسة الهجرة من أجل جعل الحصول على حقوق هجرة تلقائية للأشخاص غير اليهود، وفقاً للشريعة اليهودية [الهالاخاه]، أمراً أكثر صعوبة.
كما ينص على تعديلات لرفض شرعية التحول إلى اليهودية، بحسب إجراءات تيارات غير أرثوذكسية تتم في إسرائيل لأغراض المواطَنة. وكلا هذين التغييرين يهددان بمسّ علاقات إسرائيل مع اليهود في الشتات الذين تنتمي الملايين منهم إلى تيارات غير أرثوذكسية داخل اليهودية.
وتنص الاتفاقات الائتلافية على زيادة تمويل الرجال الحريديم في دراسة التوراة بدوام كامل، وتمويل مجموعة من المطالب الأُخرى التي قدمتها أحزاب الحريديم، بالإضافة إلى زيادة المبادرات والميزانيات الرامية إلى تعزيز الهوية اليهودية.
كما تعهدت الحكومة الجديدة في المبادئ التوجيهية للائتلاف بأن تواصل إسرائيل، في ظل الحكومة الجديدة، حربها ضد برنامج إيران النووي، وسعيها لتعزيز مكانة القدس، ولتعزيز السلام مع جميع جيرانها، مع الحفاظ على أمن إسرائيل ومصالحها التاريخية والوطنية، وتعزيز العدالة الاجتماعية وخفض تكلفة المعيشة ومكافحة الفقر، والسعي لتعزيز الهجرة اليهودية، وإعطاء الأولوية للتعليم، ومحاربة موجة الجريمة في القطاع العربي.
هذا، وتشمل التعيينات الرئيسية في الائتلاف الحكومي المقبل تعيين عضو الكنيست عن حزب الليكود يوآف غالانت، وهو لواء سابق في الجيش الإسرائيلي، وزيراً للدفاع. وسيكون إلى جانبه في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، من حزب اليمين المتطرف "الصهيونية الدينية"، الذي يدعم فرض السيادة الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية من دون حقوق متساوية للفلسطينيين، وسيُمنح هذا الأخير صلاحيات واسعة النطاق فيما يتعلق بالشؤون المدنية للمستوطنات اليهودية والفلسطينيين في المناطق [المحتلة].
وسيتولى رئيس حزب "عوتسما يهوديت" إيتمار بن غفير، الشبيه من ناحية أيديولوجية بحزب "الصهيونية الدينية"، منصب وزير الأمن القومي مع سلطة غير مسبوقة على الشرطة.
تجدر الإشارة إلى أنه تم في الأيام الأخيرة تسريع القوانين التي تمكّن سموتريتش وبن غفير من تولّي هذين المنصبين الموسّعين في الكنيست، وكذلك القانون الذي يمكّن زعيم حزب شاس أرييه درعي من العودة إلى شغل منصب وزير، على الرغم من أنه يمضي عقوبة سجن مع وقف التنفيذ، تم فرضها في وقت سابق من هذا العام عليه بسبب ارتكابه مخالفات ضريبية.