كيف ستعمل الفرقة اليهودية في الضفة الغربية والشاباك مع حكومة كهذه؟
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • يواجه الشاباك وضعاً لم يشهده من قبل على الإطلاق وقيام الحكومة المقبلة يضعه في مواجهة تحديات جديدة في مجالين مهمين. الأول، توقُّع تنفيذ عمليات تصدٍّ أكثر نجاحاً "للإرهاب" الفلسطيني. بينما في المقابل، سيكون المطلوب منه العكس فيما يتعلق بالإرهاب اليهودي: خفض عمليات الفرقة اليهودية التي تُعتبر أنها تضطهد المستوطنين. ومن المتوقع أن يكون لهذا الوضع تداعيات مقلقة على الشاباك الذي كان موضع إجماع شعبي حتى اليوم.
  • المسخ المسياني الذي ولد في الضفة الغربية اجتاز الخط الأخضر. وللمرة الأولى سيواجه الشاباك حزباً سياسياً عظيم القوة يقوده إيتمار بن غفير الذي لسنوات طويلة كان يُعتبر عنصراً مخرباً وحامل إرث مئير كهانا، وسبق أن أدانته إحدى المحاكم في إسرائيل أكثر مرة، بينها بتهمة الإرهاب. حالياً، هو يتمتع بقوة سياسية هائلة ودعم مطلق من جانب الحكومة المتطرفة التي هو عضو رفيع فيها. أعمال العنف التي قام بها اليهود ستحظى من الآن فصاعداً بدعم مؤسساتي (بالنسبة إلى سموتريتش لا وجود لشيء اسمه إرهاب يهودي) وهذا الأمر يمكن أن يُفاقم حدة الوضع في المناطق ويؤدي إلى ردات فعل على الإصابات الفلسطينية.
  • والسؤال المطروح: إلى أي حد سيضر هذا الأمر بشرعية الشاباك وبفعالية عمله؟ الوزير المسؤول عن الجهاز هو رئيس الحكومة، وحتى الآن ليس معروفاً كيف سيدافع بنيامين نتنياهو عن الشاباك في مواجهة العاصفة القادمة التي مقدمتها المطالبة بإغلاق الفرقة اليهودية في الضفة الغربية وإلغاء أوامر الاعتقال الإداري لليهود.
  • طوال سنوات عديدة، وقبل قرابة العقد، كان ردع الشاباك كافياً في مواجهته للإرهاب اليهودي. نجاحه في الثمانينيات في التصدي لخطة أعضاء "العصابة اليهودية" تفجير قبة الصخرة - التي شكلت جزءاً من الرؤيا المسيانية لشباب حركة غوش إيمونيم [حركة دينية حريدية استيطانية متطرفة]، الأمر الذي كان يمكن أن يُشعل الشرق الأوسط -  رسّخ وسط اليمين الراديكالي الشعور بأن الشاباك فعال جداً، ولا يمكن العبث معه. في السنوات الأخيرة، وعلى خلفية ازدياد عمليات "جباية الثمن" [عمليات انتقامية كان يقوم بها المستوطنون اليهود ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية] بدا أن فعالية الجهاز في التصدي ضعفت، وكذلك قدرته على الردع.
  • الاعتداء على الممتلكات وإشعال الحرائق المتعمدة والعنف حيال الفلسطينيين هي أمور روتينية، يضاف إلى ذلك حوادث متطرفة، مثل قتل عائلة الدوابشة في قرية دوما، ومقتل الفتى محمد أبو خضير بعد خطف الشبان الإسرائيليين الأربعة في سنة 2014. لقد استطاعت الجهات الإرهابية اليهودية أن تُسجل لنفسها نجاحاً: عملياتهم ضد الفلسطينيين جرى تطبيعها، ولا تجري إدانتها من جانب الأطراف المركزية في الاستيطان، وهم بطبيعة الحال، لا يُعتقلون ولا يجري توقيفهم. كذلك فإن الجمهور عموماً ووسائل الإعلام غير مهتمين بما يجري. بالنسبة إليهم، فإن هذا يجري ما وراء جبال الظلام.
  • الحاجز الوحيد الذي بقي في مواجهة الإرهاب اليهودي هو الفرقة اليهودية في الضفة الغربية، من هنا، المزاعم الموجهة إليها من اليمين واتهامها بملاحقته سياسياً والوصول إلى حد المطالبة بإغلاقها. هذه الدعوات لم تلقَ تأييداً كبيراً، لكن من المعقول الافتراض أن الفكرة لم تُستبعد تماماً، لكنها عُلّقت موقتاً إلى إن يجد اليمين الراديكالي فرصة ملائمة لطرح الموضوع من جديد. حكومة فيها بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هي فرصة ممتازة جداً بالنسبة إليهم.
  • النقد الموجه إلى الشاباك لا يمس، على ما يبدو، بقدراته العملانية، لكنه يؤدي إلى التآكل في شرعيته. لذلك، كان من الصعب أن نرى في السنوات الأخيرة اجتماعات بين رؤساء الشاباك وبين زعماء المستوطنين كما كان يجري في الماضي، لتحذيرهم مما يجري في المناطق والطلب منهم تهدئة المتطرفين. أيضاً تكاثُر الأدلة التي تشير إلى أن الجيش لا يقوم بمهمته في المحافظة على النظام في المناطق، وأنه أحياناً يشارك المستوطنين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين، يضغط بصورة غير مباشرة على الشاباك أيضاً.
  • من المهم فحص النوايا الأيديولوجية لليمين الراديكالي حيال موضوعات حساسة تدخل ضمن نطاق مسؤولية الشاباك، وأهمها الحرم القدسي. في السنوات الأخيرة ضعف منع دخول يهود إلى الحرم وارتفع جداً عدد المصلين، بينهم أعضاء في الكنيست. يبدو أنه جرى تطبيع هذا الوضع أيضاً، لكن تحت الأرض هناك نيران تشتعل وسط الفلسطينيين.
  • ما يجري في الحرم القدسي كان محور العديد من اندلاع أعمال العنف في العقدين الأخيرين. أهمها ما جرى في أيلول/سبتمبر 2000 مع صعود أريئيل شارون إلى الحرم في حادثة شكلت عود الكبريت الذي أشعل الانتفاضة الثانية (حتى اليوم ليس واضحاً لماذا لم يحذر الشاباك رئيس الحكومة ووزير الدفاع آنذاك إيهود باراك بهدف ثني شارون عن نواياه). موجة "الإرهاب" في 2015-2016 بدأت في أعقاب صعود يهود إلى الحرم في رأس السنة اليهودية، وبعد مرور عام على ذلك، جرى الحؤول دون نشوب العنف بفضل ضغط المؤسسة الأمنية على نتنياهو لإزالة الأجهزة المغناطيسية عن الأبواب التي يدخل منها الفلسطينيون إلى الحرم. أيضاً أحداث "حارس الأسوار" في غزة وفي إسرائيل، والتي وقعت في أيار/مايو 2021 بدأت في أعقاب مواجهات في المسجد الأقصى.
  • المقصود والحال هذه أن الحرم القدسي هو أشبه ببرميل بارود إقليمي، ويعتبر الوجود اليهودي فيه بالنسبة إلى ملايين الفلسطينيين ومليارات المسلمين تحدياً. ماذا فعل وزير الأمن القومي المقبل؟ وعد بأنه سيصعد إلى الحرم. هل سيتمسك الشاباك بموقفه ويوصي نتنياهو بعدم السماح لبن غفير بالصعود إلى الحرم؟ وإذا فعل ذلك، هل سيتجاوب نتنياهو مع الطلب؟