إسرائيل تمرّر معلومات استخباراتية عن إيران لأوكرانيا
المصدر
  • عززت إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة مساعداتها الاستخباراتية لأوكرانيا، عبر حلف "الناتو" - بحسب ما قالته مصادر في حلف "الناتو" في بروكسل لصحيفة "هآرتس". فبحسب كلامهم، بهذه الطريقة يتم نقل المساعدات الإسرائيلية بصورة غير مباشرة. وفي هذا السياق، يدور الحديث عن ليونة إسرائيلية إضافية لمصلحة أوكرانيا. ومن المرجح أن تكون القيادة السياسية - الأمنية في إسرائيل قررت الابتعاد - ولو قليلاً - عن سياسة "الوقوف جانباً" التي ميزت إسرائيل منذ 24 شباط/فبراير، كنتيجة للمساعدة العسكرية التي بدأت إيران تقدمها لروسيا، وضمنها تدريب قوات على الأراضي الروسية.
  • "قرار إيران تزويد روسيا بالمسيّرات وزيادة التعاون معها هو خطأ استراتيجي لطهران، وأحسن ما يمكن أن يحدث لعلاقات إسرائيل - الناتو." بحسب ما قاله مصدر في منظومة الأمن لـ"هآرتس". ومن المهم في هذا السياق التذكير أنه وقبل شهر ونصف فقط، رفض كلٌّ من وزير الأمن بني غانتس ورئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي مقترح وزير الدفاع الأوكراني ألكسي رزنيكوف، مشاركة إسرائيل معلومات تجمعها بلاده عن المسيّرات الإيرانية التي تسقط في مناطقها، بشرط أن تكون متبادلة. بما معناه، أن تمنح إسرائيل أوكرانيا مساعدات استخباراتية.
  • حتى بدء التدخل الإيراني في المعركة (لأول مرة في تاريخها تساعد دولة أوروبية عسكرياً)، التزمت حكومة بينت - لبيد رفضها تزويد أوكرانيا بالمعدات، أو المواد التي يمكن أن تساعد في جهودها العسكرية، واكتفت بالمساعدات الإنسانية. وفي الخلفية، هناك تخوف من أن يؤدي التدخل الإسرائيلي إلى إلحاق الضرر بحُرية الحركة التي تمنحها إياها روسيا في سورية. إلاّ إن زيادة الضغط الأميركي وتعميق المساعدة الإيرانية لروسيا، يدفعان إسرائيل إلى الخروج من لامبالاتها. خلال الشهر الماضي، نُشر في هذه الصفحة أن إسرائيل وافقت، تحت الضغط الأميركي، على تمويل شراء "مواد استراتيجية" بملايين الدولارات من أجل أوكرانيا. تم تمرير هذه المواد من خلال دولة في "الناتو". هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل وافقت على السماح لدول "الناتو" بتمرير أسلحة تشمل معدات إلكترونية وأدوات تحكُّم بالنيران من صناعة شركات إسرائيلية.
  • تؤدي المسيّرات الإيرانية دوراً مركزياً في الهجمات الجوية الروسية على المدن الأوكرانية خلال الأسابيع الأخيرة، وهذا بهدف ضرب البنى التحتية والمباني الحكومية والأهداف المدنية. هذه الهجمات أدت إلى أضرار في عملية توزيع الكهرباء والماء في شتى أنحاء الدولة. لدى إسرائيل بنك معلومات كبير عن المسيّرات الإيرانية، تم بناؤه على مدار أعوام في الموساد والاستخبارات العسكرية وسلاح الجو وسلاح البحرية، وتمريره للـ"الناتو" سيخدم أوكرانيا أيضاً. وفعلاً، مرّرت إسرائيل "ملفاً" يتضمن معلومات مفصلة فُحصت جيداً (لتفادي نشر مصادر وطرق عمل) عن أنواع المسيّرات الإيرانية، وبصورة خاصة "شاهد 136"، المسيّرة الانتحارية. تم تمرير الملف بواسطة سفير إسرائيل في الاتحاد الأوروبي والناتو حاييم ريغف، خلال جلسة مع نائب مدير عام الناتو ميرتشي غوانا.
  • "شاهد 136" هي مسيّرة بطيئة نسبياً (185 كلم/س)، لديها أجنحة دلتا، ومساحة طيران حتى 2200 كلم، وقدرة على حمل رؤوس حربية متفجرة حتى 40 كغم. استعملتها إيران في الهجوم على مخازن النفط في السعودية خلال سنة 2019 ومررتها للحوثيين في اليمن، بهدف ضرب مواقع عسكرية أميركية في العراق، وسفن وحاويات نفط في بحر العرب، وضمنها سفن بملكية إسرائيلية جزئية (عائلة عوفر، رامي أونغر). وعلى الرغم من ذلك، فإن قدرتها على الهروب من منظومات الدفاع الجوي - محدودة. وبحسب تقديرات، فإن عشرات الطائرات من هذا النوع تم إسقاطها في أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة، قبل أن تصل إلى أهدافها.
  • الأمين العام للناتو يانس ستولتبرغ، قال مؤخراً إن إيران "الشريك الدفاعي" الأقرب إلى روسيا. أقواله جاءت بعد أسابيع من تحذير الاستخبارات الأميركية من نية إيرانية بتزويد روسيا بصواريخ باليستية. يبدو أن الإيرانيين تراجعوا عن قرارهم، ويبحثون الآن في تزويد جيش بوتين بصواريخ من صنعهم، يصل مداها إلى 300 كلم. منذ وقت طويل، تحاول كييف إقناع الولايات المتحدة بتزويدها بمنظومات دفاع متطورة تستطيع اعتراض الصواريخ الباليستية والصواريخ الموجهة والطائرات الحربية الروسية. وفي هذا السياق، ذكرت وسيلة إعلامية أميركية قبل بضعة أيام أن إدارة بايدن تخطط لمنح أوكرانيا بطاريات باتريوت قريباً. من جانبها، إسرائيل لا تزال ترفض تزويد أوكرانيا بمنظومات دفاع جوي، وفي "الناتو" يعلمون بأن احتمال أن تتغير هذه السياسة - قليل جداً.
  • إسرائيل وقّعت اتفاقية منذ سنة 1994 تمنحها مكانة "شريكة" في "الناتو". هذه المكانة تسمح لها بتعيين سفير وملحق عسكري (اليوم هو الجنرال عميت نير)، والمشاركة في التدريبات الجوية والبحرية للحلف في دول البلطيق ومونتينيغرو والمحيط الهندي. تقوية العلاقات ممكنة، نظراً إلى التحسن في العلاقات الإسرائيلية مع تركيا، العضو في "الناتو"، بعد أعوام من وضعها عقبات، لكن أيضاً بفضل تغيير في طريقة تعامُل الحلف.

"لأعوام طويلة، ركز الناتو على أوروبا. هذا كان الأساس في عمله. الشرق الأوسط كان له مكانة أقل في الأولويات. مَن تعاملت معه كانت الولايات المتحدة"، بحسب مصدر في منظومة الأمن. وبحسبه، فإن التوسع الشجاع لإيران في أوكرانيا يغيّر فهم "الناتو" بشأن وظيفته ومهماته. فجأة، تحولت إيران إلى دولة تهدد حلف "الناتو"، ليس فقط بسبب تواجد مسيّراتها في سماء أوكرانيا والاقتراب من حدود "الناتو"، بل لأن لديها القدرة على صناعة صواريخ باليستية لمسافة 4000 كلم وتستطيع الوصول إلى العواصم الأوروبية. يتم التعامل مع إسرائيل على أنها تعرف كيف تصارع وتعمل ضد النيات الإيرانية أكثر من أي دولة أُخرى، وتخرج مستفيدةً من الاهتمام المتزايد للناتو بإيران. وأوكرانيا أيضاً.