إسرائيل تلمّح لإيران بأنها ستحاول التصدي للتهريب عبر مطار بيروت
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • بحسب المؤشرات، هناك حملة تأثير جديدة أخذت طريقها. وهي تُدار من إحدى الدول في الشرق الأوسط، وموجهة للتصدي لطريق التهريب الجديد - القديم: من طهران، أحياناً مباشرة، وأحياناً أُخرى من خلال محطات أوروبية موقتة، وصولاً إلى مطار بيروت. وما يجري هو محاولة إيرانية لإعادة تشغيل شبكة تهريب السلاح، والتي تتركز، كما في الماضي، على جهد طهران في تحسين نوعية الصواريخ التي لدى حزب الله وجعلها قادرة على إصابة هدفها بدقة، بدلاً من الاعتماد على سلاح ثابت، فرص إصابته الهدف قليلة.
  • بدأ تدفُّق المعلومات قبل أسبوع من خلال وسائل إعلامية تملكها السعودية، جزء منها استُخدم في الماضي كقنوات لنقل معلومات استخباراتية. في البداية، نقلت قناة "العربية" عن مصادر رفضت الكشف عن هويتها، أن الإيرانيين يستخدمون شركة الطيران "معراج"، التي بدأت مؤخراً بتسيير رحلات مباشرة بين إيران ولبنان من أجل نقل السلاح إلى حزب الله. بعدها تحدثت صحيفة "الشرق الأوسط"، التي تصدر في لندن، عن أن إسرائيل تحقق في المزاعم التي ذكرتها قناة "العربية". وقيل إن إسرائيل بعثت برسالة إلى الحكومة اللبنانية، مفادها أنها ستهاجم مطار بيروت إذا كان يجري تهريب السلاح عبره.
  • لاحقاً، انضمت دعاية حسابات إسرائيلية على تويتر إلى الجوقة التي تجمع أجهزة استخباراتية ودولاً. مركز علما الذي يُعنى بالشؤون الأمنية ويترأسه ضباط متقاعدون من الاستخبارات العسكرية ذكر يوم الإثنين الماضي التالي: "نحن نعرف أسماء 63 طياراً في شركة "ماهان" المحتمل تورُّطهم في تهريب السلاح إلى سورية ولبنان في السنة الأخيرة. ولدينا صور ومعلومات أُخرى سنبدأ بنشرها في وقت قريب مع تقارير كاملة."
  • ماهان هي شركة طيران إيرانية شاركت، بالاستناد إلى تقارير سابقة، في تهريب سلاح إيراني. والوحدة 190 في فيلق القدس هي الذراع الدولية للحرس الثوري الإيراني المتخصص في مجال التهريب، والتهديد هنا واضح- مركز مدني إسرائيلي على صلة بأجهزة الاستخبارات يحدد أسماء وينشر صور مواطنين إيرانيين، مدّعياً تورُّطهم في أعمال خطِرة. وهذا يمكن أن يشكل باباً لفرض عقوبات دولية على أفراد، وفي سيناريو آخر، هذا قد يكون تهديداً ضمنياً بأذى محتمل أخطر بكثير.
  • تخوض إسرائيل منذ عشرة أعوام عملية واسعة ضد تهريب السلاح من إيران إلى حزب الله. وهذا هو جوهر المعركة بين الحروب. منذ سنة 2017، تهاجم إسرائيل قواعد لميليشيات شيعية ومعسكرات وسلاحاً إيرانياً منتشراً في شتى أنحاء سورية. الجهد الإسرائيلي في التصدي، والذي شمل حتى الآن مئات الهجمات على جبهات مختلفة، ألحق ضرراً كبيراً بعدد من قنوات التهريب المركزية. وتحدثت تقارير في الماضي عن الضرر الجسيم الذي لحِق بقوافل شاحنات كانت تتحرك من العراق وسورية، وصولاً إلى لبنان. كما تضررت سفن نفط إيرانية كانت تهرّب النفط والسلاح إلى موانىء سورية ولبنان. كما تهاجم إسرائيل، بانتظام، مطارات وقواعد سلاح الجو في شتى أنحاء سورية، في دمشق وحمص، وفي مدن أُخرى.
  • العودة الإيرانية إلى بيروت تكشف، على ما يبدو، عن الصعوبات التي تواجهها في القنوات الأُخرى. في سلاح الجو الإيراني، يجري العمل بأسلوبين: تهريب محدود الحجم بواسطة أمتعة يدوية يحملها المسافرون إلى الطائرة؛ وتهريب مكثف عبر طائرات شحن تكون حمولتها والسلاح وقطع الغيار فيها مسجلة في لوائح الشحن على أنها بضائع تجارية مدنية. بالنسبة إلى الأمتعة اليدوية، يجري بعض عمليات التهريب بواسطة رحلات جوية مدنية عبر إحدى المحطات الموقتة في مطار أوروبي كبير، ومن خلال استغلال ضعف الرقابة الأمنية في المطار. ومؤخراً، أرسلت إسرائيل تحذيراً إلى هذه الدولة بشأن نيات إيران.
  • خلال سنوات المعركة بين الحروب، لم تهاجم إسرائيل لبنان. وفي حوادث قليلة ومتفرقة أطلقت النار من الجو، ومن الأرض، ضد أهداف تابعة لحزب الله بالقرب من الحدود، رداً على إطلاق النار على أراضيها. كما وقعت حادثة مهمة في آب/أغسطس 2019، حين تحدث الإعلام اللبناني عن قصف إسرائيلي ضد الضاحية، المربع الشيعي في جنوبي بيروت. بعد القصف الذي تعرضت له الضاحية، جرى الحديث عن تدمير "خلاط" يشكل جزءاً مهماً من منظومة إنتاج معدات دقيقة خاصة بالصواريخ التي يحاول حزب الله تصنيعها في لبنان.
  • مع ذلك، خلال أعوام، نشأ انطباع أن إسرائيل تفضل عموماً عدم مهاجمة أهداف تابعة لحزب الله في لبنان. وعلى الرغم من المعلومات الاستخباراتية عن إقامة معامل تحت الأرض لإنتاج السلاح الدقيق في منطقة بيروت، فإن إسرائيل قررت الكشف عن أماكن هذه المعامل (في خطاب علني ألقاه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة) من دون قصفها، الأمر الذي كان يمكن أن يؤدي إلى تدهور الوضع في مواجهة حزب الله إلى حرب.

ما كشفه كوخافي

  • أمس تطرّق رئيس الأركان أفيف كوخافي، بإسهاب نسبي، إلى الجهد الإسرائيلي ضد تهريب السلاح في محاضرة ألقاها في جامعة ريخمان في هرتسيليا، خلال ندوة عُقدت في ذكرى رئيس الأركان السابق أمنون ليفكين شاحاك. كوخافي قال إن عمليات تهريب السلاح الإيرانية إلى حزب الله تعرقلت بصورة كاملة طوال أعوام. وهذا لم يكن ليحدث لولا "العمليات المتواصلة منذ سنوات في سورية – جواً وبراً وبحراً - وأيضاً في لبنان، وفي أماكن أُخرى."
  • بحسب كلامه، كانت إيران تأمل بأن تنشر في سورية ولبنان منظومة تضم المئات من صواريخ أرض - أرض، وصواريخ أرض - جو دقيقة وذات مدى طويل نسبياً، إلى جانب نشر الآلاف من مقاتلي الميليشيات الشيعية في سورية، وإقامة نوع من "حزب الله 2" على طول الحدود السورية -الإسرائيلية.
  • "هذه الأمور الثلاثة جرت عرقلتها، لكن بصورة غير نهائية. معظم طرق تهريب السلاح هي مغلقة في أغلب الأوقات نهائياً، والعدو لا ينجح في تهريب السلاح. كما أن عملية الإنتاج الذاتي للسلاح الدقيق في هذه المنطقة تضررت بصورة عميقة جداً، وهو ما عرقل وتيرة تسلُّح السوريين وحزب الله بالصواريخ والقذائف وصواريخ الكورنيت."
  • وللمرة الأولى، وبصورة غير مسبوقة، يتطرق كوخافي مباشرة إلى الهجوم الذي نُسب إلى إسرائيل على معبر البو كمال الحدودي بين العراق وسورية، قبل بضعة أسابيع. قائلاً: "كان يمكن ألّا نعلم شيئاً عن القافلة التي تمر من العراق إلى سورية، ولا نعرف أنه من مجموع 25 شاحنة، هناك شاحنة رقم 8 محملة بالسلاح. ولهذه الغاية، أرسلنا طيارينا ... وكان يجب أن يهاجموا ويصيبوا الهدف، وهذه قدرات متقدمة جداً، وتسمح لنا بوضع استراتيجيا."
  • مصادر أمنية إسرائيلية أعربت عن دهشتها من قرار رئيس الأركان، الكشف علناً عن الهجوم. في رأيهم، هذا تحدٍّ للإيرانيين والسوريين لا لزوم له، ويمكن أن يؤثر في العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة التي لها وجود عسكري محدود في العراق وسورية، وهي تتخوف من هجمات إيرانية ضد قواتها من خلال إطلاق الميليشيات الشيعية صواريخ عليها كما جرى سابقاً. سارع الأميركيون في عدد من المناسبات إلى التنصل من هجمات نُسبت إلى إسرائيل للحؤول دون وقوع هجوم إيراني رداً عليها.