الاتفاقات الائتلافية هي نقيض الحوكمة
تاريخ المقال
المصدر
- قبل عدة سنوات نشر دان بن أموتس كتاب "قصص أبو نمر" المليء بالقصص العربية الساخرة وبحِكم من الحياة، من بينها قصة رجل اشترى منزلاً من صديقه وبعد الاتفاق على كل الشروط طلب البائع فجأة إضافة شرط ينص على استثناء مسمار مدقوق في الباب من عملية بيع المنزل، وأصر البائع على بقاء المسمار ملكاً له بسبب ذكريات هذا المسمار الذي كان والده يعلق عليه معطفه. وقبل المشتري الساذج بالشرط لأنه اعتبر ألاّ أهمية لهذا المسمار. ومنذ ذلك الحين تحولت حياة صاحب البيت الجديد إلى كابوس، إذ كان بائع البيت يصل بصورة غير متوقعة في ساعات متأخرة من الليل ويصر على حقه في زيارة المسمار الذي يملكه.
- في الاتفاقات الائتلافية التي جرى نشرها حتى الآن يوجد الكثير من المسامير المشابهة. مثلاً سيكون هناك وزير آخر في وزارة الدفاع مسؤول عن الإدارة المدنية، التي تتبع اليوم قائد المنطقة الوسطى، المسؤول أيضاَ عن التنسيق الأمني مع الفلسطينيين، كيف سيجري هذا الآن؟
- لقد وصلت الإنسانية إلى ما وصلت إليه لأن البشر تعلموا كيف يتعاونون مع بعضهم، وهم يقومون بذلك من خلال إنشاء مؤسسات فعالة. والمؤسسة الفعالة تمتاز بأربعة أمور: تسلسل هرمي واضح؛ صلاحيات يتبناها كل الهرم؛ إجراءات تتحسن بالاستناد إلى التجربة؛ وكل هذا يتحقق بأقل كلفة.
- يمكن وصف الاتفاقات الائتلافية كخطوة ستؤدي إلى المس بفعالية أغلبية المؤسسات الحكومية. "المسامير" الجديدة التي ستدق في كل مكان ستؤدي إلى إلحاق الضرر بالقاعدة الأولى - الهرمية الواضحة - وبالمكونات الثلاثة الأُخرى. سنأخذ على سبيل المثال نقل شعبة التعليم الخارجي من وزارة التربية إلى يدي آفي معوز. في ضوء الغضب الشعبي سارع حزب الليكود إلى الطمأنة والقول إن كل قرار يتخذه معوز يتطلب موافقة رئيس الحكومة. وهكذا في الوضع الحالي عندما تكون صلاحية اتخاذ القرارات بيد رئيس الشعبة، ترتفع المسؤولية إلى رئيس الحكومة. لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية هو من أكثر الوزراء انشغالاً، ويقضي المبدأ خفض أعماله المباشرة لا زيادتها.
- هناك أيضاً ناحية أُخرى: كل تغيير، حتى التغيير المرغوب فيه يستتبع كلفة خفية تسمى "كلفة التغيير". ومجرد نقل هيئات وسلطات وتفكيكها وإعادة تركيبها يتطلب كلفة باهظة ناجمة عن الحاجة إلى إجراء تعديلات في أنظمة الكمبيوتر وفي القوانين واتفاقيات العمل وفي الإجراءات المعمول بها. وبدلاً من تحقيق الوزارات أهدافها – أي تقديم حلول للجمهور - ستنشغل بنفسها.
- وأيضاً: تغيير اسم وزارة قد يبدو أمراً لغوياً لكنه غير ضروري. على سبيل المثال وزير النقب والجليل هو أيضاً وزير "الحصانة الوطنية". وحالياً الجهة المسؤولة عن هذا المجال كانت وزارة الدفاع بمساعدة قائد الجبهة الداخلية وسلطات الطوارىء الحكومية. ويمكن الافتراض أنه مع الملياري شيكل التي وُعد بها، فإن الوزير الجديد سيخلق المزيد من الازدواجية التي لا ضرورة لها.
- يشتكي المسؤولون الكبار في الائتلاف بأنهم يتعرضون للهجوم حتى قبل تشكيل الحكومة. "اعطونا فترة سماح" يقولون. لكن هذه الحكومة الجديدة، وعلى الرغم من أنها لم تفعل شيئاً جيداً أو سيئاً، فإن تركيبتها المتضخمة والصلاحيات المشوهة والوعود المالية الهائلة، كل هذا يشكل سبباً يستدعي القلق والاحتجاج. تتحدثون عن "الحوكمة" كل ما جرى كشفه حتى الآن هو العكس.