2.5 مليوناً من دون حق التصويت تحت سيطرة سموتريتش
تاريخ المقال
المصدر
- "الشعب قال كلمته"، بهذه الكلمات يحتفل الائتلاف اليوم بالفرصة السياسية المتاحة أمامه. لكن السياسة التي سيدفعون بها قدماً، كما تنعكس في الاتفاقيات الائتلافية المنشورة، ستؤثّر بالأساس في من لا يملك الحق بقول كلمته. وستكون التداعيات في الميدان مأساوية.
- يعيش أكثر من 2.5 مليون فلسطيني تحت الحكم العسكري للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، حيث يسيطر الجيش تماماً على شؤون حياتهم. فكل فلسطيني يريد السفر إلى الخارج، أو الحصول على تصريح عمل، أو زراعة أرضه - هو مرهون بقرار الإدارة المدنية. وبحسب الاتفاقيات، سيتم تمرير السيطرة عليهم إلى "الصهيونية الدينية"، والتي يسعى برنامجها السياسي إلى فرض السيطرة عملياً على مناطق (ج)، بالأساس من خلال تفكيك الإدارة المدنية، وهي الهيئة التي سيتولون مسؤوليتها.
- تقوم رواية اليمين على أن هناك حرباً تدور على السيطرة على مناطق (ج). فالفلسطينيون، وبحسب صرخات اليمين، يعملون وفق خطة منظمة للسيطرة على الأرض، ويجب إيقافهم باسم القانون والسيادة الإسرائيلية. إلّا إن الواقع معاكس: فمنذ سنوات، تعمل حكومات إسرائيل بشكل مستمر بهدف طرد الفلسطينيين من مناطق (ج)، التي تشكّل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية.
- إن صرخات اليمين ليست إلّا عمليّة تمويه الهدف منها تغيير السياسة القائمة. فعلى مدار سنوات طويلة، مورست ضغوط كبيرة على الإدارة المدنية بهدف سلب المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى المستوطنين من خلال: هدم المزيد من المنازل، وتفكيك المزيد من التجمّعات، وتعميق السيطرة القانونية الإسرائيلية في الضفة خارج "حدود الدولة"، إلى جانب تقليص حرية الحركة للفلسطينيين.
- ومنذ عشرات السنين يتم إفراغ مناطق (ج) وتحويلها إلى إسرائيلية من خلال حركة المقص: ذراع واحدة تعمل لتوسيع مساحة المستوطنات، شرعنة بؤر غير قانونية، وتخصيص الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية للمستوطنات، والاستيلاء على أراضٍ كثيرة وإعلانها أراضٍ تابعة للدولة وتخصيصها للمستوطنات. أمّا الذراع الثانية، فتعمل على هدم منازل الفلسطينيين بشكل واسع، وتقليص مساحة الزراعة والمرعى، ومنع وصول الفلسطينيين إلى المياه بعد الإعلان عن محميات طبيعية بهدف طردهم.
- وعلى الرغم من ذلك، يعكس الاتفاق الائتلافي تغييراً جذرياً، إذ إن تحويل الصلاحيات من الإدارة المدنية إلى حزب الصهيونية الدينية سيلغي القليل من القيود التي تفرضها إسرائيل على نفسها في محاولة يائسة بهدف التظاهر بالامتثال لأوامر المحكمة الجنائية الدولية، وبهدف إخفاء سياسة الضم الفعلي عن العالم. هكذا مثلاً، سيتم نقل المستشار القانوني المختص بالجوانب المدنية للاحتلال من صلاحية الإدارة المدنية إلى مكتب الوزير في وزارة الدفاع. كل شيء سيكون سياسياً. التداعيات على الأرض ستكون في الأساس: إخلاء خان الأحمر، وشرعنة بؤر استيطانية وتسجيل طابو في الضفة الغربية.
- وفي مقابل المحاولة المنهجية لمحو الخط الأخضر وتحويل الضفة الغربية إلى محافظة إسرائيلية، يجب التذكير بأن الحديث يدور عن منطقة واقعة تحت الاحتلال العسكري، أي ينطبق عليها القانون الدولي. وتستند قوانين الاحتلال إلى أساسين ينبعان من أن الاحتلال هو الشر الناجم عن الحرب: الأساس الأول: وضع موقت، لا يجب تحويل السيطرة على شعب من دون حقوق إلى سيطرة ثابتة، لذلك فإن القوة المحتلة ليست الجهة السيادية إنما تسيطر بصفتها قوة موقتة في المنطقة. الأساس الثاني: الثقة. وفي أساسه الافتراض بأنه على سلطة الاحتلال العمل لمصلحة السكان الذين يعيشون تحت الاحتلال، وألا تقوم بأي تغييرات ثابتة تؤثر سلباً على المدى البعيد.
- يصرح أعضاء "الصهيونية الدينية" علناً أنه يجب القيام بكل ما يمكن بهدف تثبيت السيطرة الإسرائيلية. وإن تم فعلاً تمرير صلاحيات الإدارة المدنية إليهم، فسيكون المسؤول عن إدارة حياة المجتمع تحت الاحتلال هو ذاته من لا يعترف علناً بالأسس التي تشكّل البنية القانونية الوحيدة لنظام الاحتلال.
- المجتمع الواسع في إسرائيل قلق جداً من الفساد الحكومي، الفساد الاخلاقي الذي يتميز باستغلال قوة النظام لمصلحة أقلية. الاحتلال الإسرائيلي الطويل يُفسد، ونقل صلاحيات إدارة المنطقة إلى جهة تصرّح بأنها لا تعترف بالمنطقة أصلًا كمنطقة محتلة، ولهذا لن يجري العمل وفقاً لقوانين الاحتلال - يُعتبر فساداً من الدرجة الأولى. لقد اعطيت السيطرة اليومية على حياة الفلسطينيين، إلى أولئك الذين قامت حملتهم الانتخابية على القضاء على الأمل لدى الفلسطينيين.