ولّى زمن أحزاب الوسط - اليسار كما عرفناها
تاريخ المقال
المصدر
- نتائج الانتخابات الأخيرة علمتنا الكثير عن الحملات الانتخابية، وقيادة الكتل، ومن يقف وراء الحملات الانتخابية، ما هو الحدث الموسمي الأكثر رواجاً "الترند" (بن غفير)، من أين يأتي وماذا يمكن أن نفعل في مواجهته، وفشل معسكر "فقط لا بيبي"، والكثير من الأمور الأُخرى. تعلمنا أيضاً كيف يمكن أن تتحول إمكانية التعادل 60:60، بعد عدّ الأصوات الصالحة، إلى نصر واضح 64:56. كلٌّ من هذه القضايا يستحق تحقيقاً معمقاً، لكنني متأكد من أنه لن يجري لعدم وجود ثقافة تحقيقات في السياسة.
- أودّ أن أركز في هذه المقالة على الأحزاب التي انتهى زمنها، إلاّ إذا قامت بتغيير استراتيجي عميق جداً، وحتى في هذه الحالة، لست متأكداً من أن تغييراً كهذا سيحدث. سأهاجم بصورة خاصة أحزاب المعسكر الذي أردت أن يحقق إنجازاً أفضل من هذا بكثير.
ولّى زمن "حزب العمل" وميراف ميخائيلي
- منذ أول مرة انتخبت فيها، حتى قبل عشرة أعوام، انتخبت دائماً "حزب العمل". ما حدث لهذا الحزب في العقد الأخير صادم لدرجة أنه يبرر اختفاءه. على الرغم من أن اسم هذا الحزب يرتبط بالفصل الأهم المتعلق بإقامة الدولة وقيادتها.
- من حزب وسطي - يساري اتّجه الحزب يساراً أكثر من اللازم. من حزب مع نواة قيادية غنية ونوعية، إلى حزب يقطع رؤوس قياداته بوتيرة لا تُصدّق (بيرس، باراك، متسناع، هرتسوغ، غباي، بيرتس، وميخائيلي...).
- بداية انهيار الحزب بدأت بين الانتخابات للكنيست الـ20، عندما حصل الحزب على 24 مقعداً تحت عنوان "المعسكر الصهيوني"، وما بين انتخابات الكنيست الـ21، حين حصل فقط على 6 مقاعد. عملياً، بعد عزل هرتسوغ واختيار آفي غباي، بدأت الاستطلاعات تشير إلى احتمال حصوله على عدد مقاعد تحت الـ10. بني غانتس انتبه إلى هذا الاحتمال، واستبدل حزب العمل بحزب يوجد مستقبل في تحالف أزرق أبيض. منذ تلك اللحظة، تحول الحزب، الذي أقام الدولة وقادها، إلى حزب يساري هامشي وغير ضروري بتاتاً.
- في الانتخابات الأخيرة، رأينا حزباً استعلائياً من دون أيّ مضمون خاص، ومع قائمة متوسطة وأقل من ذلك، وقائدة رفضت، باستعلاء، الاتحاد مع "ميرتس"، وبذلك تتحمل المسؤولية (إلى جانب ميرتس) عن التراجيديا التي حدثت لـ"ميرتس". وها هي ميخائيلي، كما رأيناها، تهاجم لبيد!
- شكراً لـ"حزب العمل" التاريخي، مع السلامة، ومن دون إلى اللقاء مع "حزب العمل" الحالي. مع السلامة لميخائيلي، ومن دون إلى اللقاء.
ولّى زمن "ميرتس"
- غرّدت عدة مرات خلال الأسابيع الأخيرة أن قيادات "ميرتس" تبدو في أغلب الأحيان كمحامين للفلسطينيين. هكذا مثلاً، وبدلاً من الدفاع عن جنود الجيش في مقابل العمليات "الإرهابية"، تنتقد زهافا غلؤون وزير الأمن الذي يوزع القوات بشكل محدد. موسي راز أيضاً، الذي لم ينجح الصحافي عوفر حداد خلال لقاء معه بجعله يدين ما قالته عايدة توما - سليمان. "أدين العنف من جميع الأطراف"، كان أقصى ما يمكن أن يصرّح به خلال اللقاء. منذ أعوام، ومع كل حدث أمني، نستمع إلى "ميرتس" وهم يتحدثون عن الطرف الآخر المسكين، ولا كلمة تقريباً عن مصلحتنا الأمنية، تقريباً ولا كلمة إدانة. إذاً، أين المفاجأة حين يفضّل الجمهور بن غفير عليكم؟
- أحسنت زهافا غلؤون في خطاب التراجيديا بعد الانهيار، حين قالت: "إنها كارثة للدولة، كارثة للحزب وكارثة شخصية لي." هذا بالإضافة إلى أنها قالت إنه من المعيب التفكير في أن "ميرتس" حزب شولاميت ألوني ويوسي ساريد أصبح في الخارج، وبن غفير في الداخل. سأقول لك زهافا، ميرتس الخاصة بك ليست "ميرتس" ألوني وساريد، بالضبط كما أن "العمل" التابع لميخائيلي هو ليس حزب "العمل" في أيام رابين وبيرس.
- لديكِ 4 أعوام للتفكير فيما إذا كان لـ"ميرتس" مبرر وجود أصلاً، وإن كان نعم، فما القيم والرسائل الجديدة التي ستقوم بها إذا قامت. الأكثر حكمة مني قالوا إنه لو استمر العمل بالطريقة نفسها والقيام بالأمور نفسها، فلا يمكن توقُّع نتيجة مختلفة.
ولّى زمن 4 أحزاب عربية متفرقة
- المكتوب كان واضحاً من عنوانه، منذ لحظة انفصال التجمع، وصولاً إلى رفض توقيع اتفاق فائض الأصوات. هناك أهمية لتمثيل عادل للمجتمع العربي، أوصي بالتعلم من منصور عباس بشأن تغيير الطريقة، بين الحاجات اليومية وبين الوقوف كمدافعين عن الشعب الفلسطيني. جمهوركم يريد قيادة تعمل من أجله أكثر مما تعمل من أجل الشعب الفلسطيني. إن لم تتوحدوا ولم تتبنوا المزيد مما يطرحه منصور عباس، ستستمر خسارتكم.
ولّى زمن تعدُّد أحزاب الوسط
- انتهى زمن حزبيْ وسط يتنافسان، الواحد مقابل الآخر، بدلاً من التوحد ضد المنافس السياسي.
- لا يوجد أيّ فرق في الجوهر ما بين "أبيض أزرق" و"يوجد مستقبل"! لذلك، لا مبرر لحزبين في الخانة نفسها. صحيح، مررتم بصدمة بعد أن انضم غانتس إلى نتنياهو، ولكن، إن بقيتم في حالة ما بعد الصدمة واستمريتم في القتال، الواحد ضد الآخر، بدلاً من قيادة معسكر مثل نتنياهو، ستستمر الخسارة.
- تماسكوا، نظموا صفوفكم من جديد، تبنّوا رسائل، ومضامين وقيماً غير مبنية على الإلغاء. اقرأوا الساحة بصورة مختلفة واستعدوا للمرة المقبلة. وإن لم تقوموا بهذا، فسيبدأ التلاشي كما حدث مع "حزب العمل".