يجب على الشاباك وقف المؤامرة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إذا كان جهاز الأمن العام يريد فعلاً تكذيب الأكاذيب التي وُجّهت إليه بشأن تورُّط عناصره في اغتيال يتسحاق رابين، فإنه يتعين عليه نشر كل الوثائق المحفوظة في الأرشيف في هذا الشأن، وأن يسمح لأرشيف الدولة بنشر كل الملاحق السرية الصادرة عن لجنة شمغار التي حققت في الاغتيال.
- آخر المنضمين إلى قائمة نظرية المؤامرة هو الوزير العتيد، الذي سيصبح عضواً في المجلس الوزاري المصغر، عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية. يقال إن التوقيت هو كل شيء في الحياة. وسموتريتش أثبت ذلك عندما قال في ذكرى اغتيال رابين في الكنيست إن الشاباك "شجّع" على اغتيال رئيس الحكومة.
- نظرية المؤامرة طورتها وعززتها مجموعتان. الأولى تتألف من الذين يؤمنون بها فعلاً، وبصدق، ويحاولون العثور على "إثباتات" تؤيدها، وكلها إثباتات وهمية. والأبرز في هذه المجموعة الصحافي الكندي-الإسرائيلي باري حميش، الذي كتب كتاباً وعشرات المقالات، محاولاً إثبات أن الشاباك هو مَن قتل رابين. لكن من سخرية التاريخ أنه اتهم أيضاً إيتمار بن غفير بأنه "عميل للشاباك"، وفي سنة 2008، حكمت محكمة الصلح في القدس على حميش بدفع مبلغ 36 ألف شيكل لبن غفير بتهمة التشهير.
- المجموعة الثانية ينتمي إليها أنصار اليمين، بالأساس أوساط المستوطنين. دافعهم سياسي بصورة أساسية. هم يحاولون إبعاد أنفسهم عن التهمة الصعبة الموجهة ضدهم، وأنهم في إطار معارضتهم لاتفاقات أوسلو، وبمساعدة الحاخامين الذين قدموا مظلة شرعية دينية، حرّضوا ضد رابين، وسمّموا الخطاب السياسي، وخلقوا جواً أدى إلى الاغتيال. أغلبية أعضاء هذه المجموعة، مثل سموتريتش، لا يجرؤون على القول، علناً، كما فعل حميش ومؤيدوه، إن عناصر الشاباك قتلت رئيس الحكومة. فقد كانوا حذرين، لكنهم استغلوا حقيقة فشل الشاباك في حماية رابين، متجاهلين أن التقصير جرى التحقيق فيه مطولاً، وأغلبية المسؤولين عنه تمت معاقبتهم. هم يحاولون فقط تقويض الادّعاء أن اليمين السياسي - بالأساس الأوساط المتطرفة التي تحولت حالياً إلى الخط السياسي السائد- أعدّت الأرضية للاغتيال الذي نفّذه يغآل عمير، الذي ينتمي إلى حركة بني عكيفا الصهيونية الدينية.
- أحد أعضاء المجموعة الأخيرة هو شلومو فيلبر، الذي عُيّن مديراً عاماً للإعلام خلال ولاية نتنياهو، وكان شاهداً في الملف 4000، وحاول بكل قوته، من دون أن يحقق نجاحاً كبيراً، أن يبرّىء نتنياهو في شهادته. فكافأه نتنياهو عندما دفع مئات آلاف الشيكلات لشركته التي أجرت الاستطلاعات في الانتخابات الأخيرة.
- ادّعى فيلبر، وهو من رجال الأعمال البارزين في مجلس يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، ورفاقه أن الجريمة لم يكن لها دوافع أيديولوجية، بل كانت "حادثة عمل" للشاباك. وبعد وقت قصير من الاغتيال، نشر فيلبر مقالاً في مجلة المستوطنين "نيكوداه"، طرح فيه العديد من التساؤلات. من بينها سؤال إذا سُمع قبل الاغتيال هتافات تقول "كذاب كذاب"، ومَن الذي أطلقها، وكيف استخدم الشاباك عميلاً له، هو أفيشاي رافيف الذي شكّل تنظيماً موقتاً سمح بالمشاركة في التظاهرات، وفي أعمال العنف ضد الفلسطينيين، ولماذا لم يعرف الشاباك أن رفيقه في التظاهرات وفي أعمال الشغب يخطط لاغتيال رئيس الحكومة.
- وفي الواقع، حاول اليمين الاستيطاني منذ اللحظة الأولى توجيه التهمة إلى الشاباك. نتنياهو الذي كان رئيساً للمعارضة، يومها، ومن الخطباء البارزين في التظاهرة المشهورة في ساحة رابين، اتصل بي بعد أيام من الاغتيال، وحاول إقناعي بـأنه يجب التحقيق في سلوك الشاباك. وهو لم يقصد التحقيق في تقصير تأمين الحماية، بل فحص وجود علاقة محتملة بين عمير وبين الشاباك. قال لي: "Follow The Money"، وشرح لي أن عمير كان قبل أعوام موفداً لبني عكيفا من طرف منظمة "نتيف" في الاتحاد السوفياتي. ونظراً إلى أن "نتيف" كانت جزءاً من الأجهزة الاستخباراتية، لذا، يجب فحص ما إذا كان القاتل حصل على مال من جهاز استخباراتي.
- من المحتمل أن سموتريتش يعتقد فعلاً أن الشاباك "شجّع" على اغتيال رابين. لكنه بكلامه هذا أراد أن يبعث برسالة إلى الشاباك، وإلى كل الأجهزة الاستخباراتية، توضح لهم مَن هم الأسياد الجدد في البلد. هو وشريكه بن غفير يريدان أن تتقوقع الأجهزة الاستخباراتية على نفسها، وأن تتوقف عن العمل ضد عنف المستوطنين، وأن تلغي اللواء اليهودي في الشاباك، والذي يتمركز عمله اليوم على جمع المعلومات الاستخباراتية، وعلى إحباط إرهاب اليمين المتطرف.
- القوة التي جمعها حزبا سموتريتش وبن غفير في الانتخابات الأخيرة، بالإضافة إلى حالة فقدان الذاكرة لدى الشباب الإسرائيلي - يكفي أن نقرأ ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي بعد خطاب سموتريتش في الكنيست- كافيان لخلق أرض خصبة للاستمرار في الحديث عن نظرية المؤامرة هذه. لكن هذه النظرية تتغذى على غياب الشفافية العامة. فقد جرى حفظ وثائق الشاباك ووثائق سائر الأجهزة الاستخباراتية، وفقاً للقانون 2038. لكن في إمكان الشاباك السماح بنشر وثائق عندما يخدم هذا الأمر مصلحته. وهذا هو وقت القيام بذلك من أجل قطع الطريق على الافتراءات التي ينشرها سموتريتش، ووقْف أصدائها في وسائل التواصل، وفي الإعلام.
الكلمات المفتاحية