نتنياهو يربط العمليات في الضفة بحكومة لبيد - غانتس؛ لكن سياسته الأمنية مشابهة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- خلال القيادة بسرعة نسبياً في الطرق الرئيسية، من الصعب التمييز ما بين الإعلانات الانتخابية للمرشحين الثلاثة الرئيسيين لرئاسة الحكومة. الحملات الانتخابية ليائير لبيد وبنيامين نتنياهو وبني غانتس تستند جميعها تقريباً إلى التصميم نفسه، الألوان نفسها ورموز متشابهة. يبدو في الإعلانات ثلاثة رجال ببدلات وربطات عنق وشعر أبيض، على خلفية باللونين الأزرق والأبيض. وإذا ظهر اللون الأحمر فجأة - فالهدف منه فقط الإشارة إلى المنافس والتحذير منه.
- عندما يتم فحص السياسات الأمنية للمتنافسين الثلاثة بالنسبة إلى الساحة الفلسطينية المشتعلة حالياً، وتحديداً الضفة الغربية، لا يبدو بالضرورة أيّ اختلافات جدية، بين كل من الأحزاب المتنافسة، من المهم الإشارة إلى أن إدارة الأمور تمت بشكل صائب خلال فترة حكمهم. عملياً، من الصعب إيجاد اختلافات بينهم. صحيح أن لبيد وغانتس نجحا في تقليص وقت عملية "مطلع الفجر" في غزة في آب/أغسطس من العام الحالي، لمدة ثلاثة أيام، بدلاً من 11 يوماً خلال عملية "حارس الأسوار" في نهاية ولاية نتنياهو، في أيار/مايو من العام الماضي. صحيح أن الحكومتين حاولتا الانتهاء سريعاً، وامتنعتا من الصراع مباشرة مع "حماس" وكانتا حذرتين، جداً ومحقة حيال إدخال قوات برية إلى القطاع.
- من حظ لبيد وغانتس، أن القطاع هادئ الآن، بالأساس لاعتبارات تعود إلى "حماس". وله علاقة أيضاً بـ"التسهيلات" الاقتصادية التي تمنحها إياها إسرائيل. صحيح أن الحكومة الحالية قامت بإلغاء الطريقة الانهزامية التي اتبعها نتنياهو، وفي إطارها تم إدخال حقائب أموال من قطر إلى "حماس" كل بضعة أشهر. ولكن "حماس" لا تجلس جانباً لأنها مرتدعة على يد إسرائيل، كما تدّعي الحكومة، إنما بالأساس بسبب الفائدة التي تعود عليها بإدخال نحو 17 ألف عامل من قطاع غزة للعمل في إسرائيل يومياً، لأول مرة منذ أكثر من 20 عاماً.
- هذه الخطوة لها أهمية اقتصادية عظيمة، ويبدو أنها حتى الآن على الأقل تدفع بـ"حماس" إلى المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار. كل هذا لا يمنع التنظيم من صبّ أكبر كمية ممكنة من الزيت على النار المشتعلة في الضفة، في محاولة لضرب إسرائيل وجرّ السلطة الفلسطينية إلى الفوضى.
- هذا الواقع مركّب نسبياً للفهم وصعب للشرح. طغيان اللون الرمادي يجعل الأرض خصبة لإطلاق الحملات الانتخابية، عبر إخفاء مقصود للحقائق. نتنياهو يتميز بهذا. منذ أسابيع وهو يحاول ركوب "موجة الإرهاب" المتصاعدة في الضفة الغربية، بهدف إظهار الحكومة الحالية بأنها غير قادرة على حماية أمن المواطنين الشخصي. يتجاهل أن جذور المشكلة زُرعت خلال فترة حكمة المستمرة، وأن التصعيد الحالي يرتبط أيضاً بظروف داخلية في الضفة، وبينها ضعف سيطرة الرئيس الكبير في السن، محمود عباس.
- وصحيح أن نتنياهو يربط، من دون تردد، ارتفاع عدد العمليات في الضفة بفقدان السيادة داخل الخط الأخضر - انتشار منظمات الإجرام في البلدات العربية وانجراف العنف وأموال الحماية إلى المجتمع اليهودي، عبر سرقة المزارعين في النقب والجليل. وكالعادة عنده، هذه ظواهر بدأت فقط في صيف 2021، عندما فقد "الليكود" الحكم، ولم تتطور تدريجياً بسبب عدم المبالاة والانغلاق الحكومي طوال الأعوام العشرة الأخيرة.
انحياز واضح
- بشكل غريب، ولكنه غير مفاجئ، وجد نتنياهو صباح اليوم حليفاً استثنائياً في الإعلام هو صحيفة "يديعوت أحرونوت"، التي وصفها قبل 20 عاماً بأنها "الشيطان الأكبر" الذي يضر به ويساعد منافسيه السياسيين. لقد اختارت الصحيفة أن تُبشّر الأمة، قبل يوم من فتح الصناديق، بأن العام الحالي سجّل "رقماً قياسياً في عدد القتلى في العمليات منذ سنة 2015". واستناداً إلى معطيات الشاباك، نشرت خبراً مفاده أنه "بعد سبعة أعوام، الإرهاب يصل إلى رقم قياسي".
- الأرقام حقيقية، ولكن وضعها كعنوان رئيسي، هو عملية تلاعب من السهل كشفها. في تشرين الأول/أكتوبر 2015، تحت حكم نتنياهو، اندلعت موجة عمليات فردية، وُصفت بأنها "انتفاضة السكاكين"، وعملياً، كانت تتضمن عمليات دهس عديدة وإطلاق نار بين الحين والآخر. هذه الموجة تراجعت في نهاية آذار/مارس 2016. قُتل خلالها 47 إسرائيلياً، أغلبيتهم "مواطنون". الموجة الحالية بدأت في آذار/مارس من العام الحالي، بما معناه أنها مستمرة منذ 7 أشهر. حتى الآن، قُتل خلالها 25 إسرائيلياً. لكن الصحيفة اختارت المقارنة ووجدت أن 25 قتيلاً في 10 أشهر خلال العام الحالي يُعدّ ارتفاعاً بالمقارنة مع العام 2015 برمته، حين قُتل 29 إسرائيلياً خلال 12 شهراً.
- المقارنة تتجاهل أيضاً أبعاداً أُخرى، كحقيقة أن الموجة الحالية قاتلة أكثر بسبب استعمال السلاح المتصاعد، النابع أصلاً من ارتفاع نسبة تهريب السلاح إلى الضفة و"المجتمع العربي في إسرائيل"، وهو ارتفاع سُجّل طبعاً خلال أيام نتنياهو. وبالأساس لا تتطرق المقارنة إلى أن نتنياهو، لبيد - وغانتس يتبنون تقريباً السياسة نفسها تجاه موجتيْ "الإرهاب": استخدام خطاب قتالي، وخطوات هجومية محسوبة ومحاولة عدم تصعيد الأمور. بما معناه - القيام بكل ما يمكن، لعدم الانجرار إلى العقاب الجماعي الذي يمكنه أن يستقطب الجمهور الفلسطيني الواسع إلى دائرة المواجهة.
- هذا هو النهج الذي اقترحه رئيس هيئة الأركان، حينها، وعضو "المعسكر الرسمي" اليوم، غادي أيزنكوت، على حكومة نتنياهو في سنة 2015، بدعم كامل من رئيسها. الفرق الممكن اليوم يتعلق بحلفاء نتنياهو المحتملين، إذا استطاع تأليف الحكومة المقبلة. مع إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش في الحكومة، من الممكن أن ينجرّ، أو يتم جرّه، إلى خطوات عدوانية أكثر في الساحة الفلسطينية، نهايتهم ستكون سيئة جداً.